للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شغلت قضيتك النفوس فأصبحت ... مرضى وفي كفيك سر علاجها

هلا كتبت إلى الوزير برقعة ... تصبو معاطفه إلى ديباجها

تجد السبيل لهم ولاتك للمنى ... وينير سعيهم بنور سراجها

أنت السماء فما بهالك رقعة ... طلعت عليها الشهب من أبراجها

ضحت مفارق كل فضل عنده ... فاجعل قريضك درة في تاجها

فراجعه أبو الفضل:

يا منجدي والدهر يبعث حربه ... شعثاء قد لبست رداء عجاجها

لله درك إذا بسطت إلى الرضى ... نفساً تمادى الدهر في إخراجها

وأرقت ماء الود في نار الأسى ... كالراح يكسر حدها بمزاجها

فيأتني تلك الغمام فبردت ... من غلة كالنار في انضاجها

فأويت تحت ظلالها ووجدت بر ... د نسيمها وكرعت من ثجاجها

حاولت مني أن أطارد حاجة ... مرضت فاعيا الناس باب علاجها

قل كيف تنعش بعد طول عثارها ... أم كيف تفتح بعد سد رتاجها

هيهات لاتثنى النفوس لوجهة ... من بعد ما رجعت إلى إدبارها

لأزيد في أمري وضوجاً بعدما ... قامت براهين على منهاجها

فأكون أن زدت الصباح أدلة ... خرقاء تمشي في الضحى بسراجها

دعني ابرد بالقناعة غلة ... يأس النفوس أحق في اثلاجها

بكر بخلت على الانام بوجهها ... ومنعتها من ليس من أزواجها

وصرفتها محجوبة بصوانها ... مثل السلوك تصان في أدراجها

كالنور في اكمامها والبيض في ... اغمادها والغيد في ادراجها

فالنفس أن ثبتت على أخلاقها ... اعيا على النصاح طول لجاجها

تم الاختيار من شعر ابن شرف ويليه الاختيار من شعر الداني.

[شعر]

أبو بكر الداني هو الأديب الشاعر المجيد ذو الباع المديد والانطباع الفريد أبو بكر الداني المعروف بابن اللبانة عفى الله عنه.

فمن شعره قوله يتغزل:

تولى السرب خفية من يليه ... وأفلت من حبائل قانصيه

على شرف الخميلة كان حتى ... توجس نبأةً من خاتليه

فمر على مهب الريح يعدو ... بأسرع من مدامع عاشقيه

تعلق آخر البطحاء هضبا ... تأمل منه خيفة آمليه

وصادف عنده مرعى مريعاً ... فاصبح يشرئب ويرتعيه

توجه حيث لم تقفى خطاه ... بمنسوب إلى آل الوجيه

بمياع الأديم يكاد يغشي ... بنقبته نواظر مبصريه

ودخل ميورقة وتلقاه ملكها ناصر الدولة فأكرمه وزاد في إكرامه فمدحه بقوله:

حنيت جوانحه على جمر الغضى ... لما رأى برقاً أضاء بذي الاضا

واشتم في ريح الصبا ارج الصبا ... فقضى حقوق الشوق فيه بأن قضى

والتف في حبراته فحسبتها ... من فوق عطفيه رداء فضفضا

قالوا الخيال حياته لو زاره ... قلت الحقيقة قلتم لو غمضا

يهوى العقيق وساكنيه وان يكن ... خبر العقيق وساكنيه قد انقضى

ويود عودته إلى ما اعتاده ... ولقلما عاد الشباب وقد مضى

ألف السرى فكأن نجماً ثاقباً ... صدع الدجى منه وبرقاً مومضا

طلب الغنى من ليله ونهاره ... فله على القمرين مال يقتضى

مهما بدت شمس يكون مذهبا ... وإذا بدى بدر يكون مفضضا

هذا أفاد وفاد غير مقصر ... جهد المقل بأن يموت مفوضا

ولرب ربة حانة نبهتها ... والجو لؤلؤ طله قد رضرضا

وقد انطفت نار القرى وبقي على ... مسك الدجى مذرور كافور الغضى

والليل قد سدى والحم ثوبه ... والفجر يرسل فيه خيطاً أبيضا

ومتى ركبت لها أعالي أيكة ... نشرت جناحاً للرياض معرضا

والبحر يسكن خفية من ناصر ... أرضى الرياسة بعد فقد المرتضى

ملك سمت علياه حتى دوخت ... وزكى ثرى نعماه حتى روضا

ماء الغمائم جرعة مما سقى ... وسنى الأهلة خلعة مما نضا

حفت عليه راية وذؤابة ... فكأن صلاً نحو صل نضنضا

وكان المرتضى رحمه الله تعالى هو الذي أورث ناصر الدين الملك، قلم يزل يكرم أولياءه، ويبرهم ويتفقدهم بما يسرهم. وقال يمدحه بقصيدة أولها:

هلا ثناك علي قلب مشفق ... فترى فراشاً في فراش يحرق

أتت المنية والمنى فيك استوى ... ظل الغمامة والهجير المحرق

<<  <   >  >>