للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيثان فالأنوار غيث ظاهر ... لك وجهه والصحو غيث مضمر

وندى إذا ادهنت به لمم الثرى ... خلت السحاب أتاه وهو معذر

أربيعنا في تسع عشرة حجة ... حقاً لهنك للربيع الأزهر

ما كانت الأيام تسلب بهجة ... لو أن حسن الروض كان يعمر

أو لا ترى الأشياء إن هي غيرت ... سمجت وحسن الأرض حين تغير

يا صاحبي تقصيا نظريكما ... تريا وجوه الأرض كيف تصور

تريا نهاراً مشمساً قد شابه ... زهر الربى فكأنما هو مقمر

دنيا معاش للورى حتى إذا ... حل الربيع فإنما هي منظر

أضحت تصوغ بطونها لظهورها ... نوراً تكاد له القلوب تنور

من كلَّ زاهرةٍ ترقرقُ بالندى ... فكأنها عينٌ إليك تحدر

تبدو ويحجبها الجميم كانها ... عذراء تبدو تارةً وتخفر

حتى غدت وهداتها ونجادُها ... فئتين في حلل الربيع تبتخر

مصّفرة محمرةً فكأنها ... عُصبٌ تيمن في الوغى وتمضَّر

من فاقعٍ غض النبات كأنه ... در يشقق قبل ثم يزعفر

أو ساطعٍ من حمرةٍ فكأن ما ... يدنو إليه من الهواء معصفر

صبغُ الذي لولا بدائع لطفه ... ماعاد أصفر بعد إذ هو أخضر

خُلُقٌ أطلَّ من الربيع كأنه ... خُلق الإمام وهدية المتنشر

في الأرض من عدل الإمام وجوده ... ومن النبات الغضّ سرجٌ تزهر

تُنسى الرياض، وما يروّض فعله ... أبداً على مر الليالي يُذكر

إن الخليفة حين يُظلمُ حادثٌ ... عين الهدى وله الخلاقة محجر

كثرت به حركاتها ولقد تُرى ... في فترةٍ وكأنّها تتفكر

مازلت أعلم أن عقدة أمرها ... في كفّه مذ خلّيت تتحير

بالثامن المستخلف اتسق الهدى ... حتّى تخير رشده المتحير

سكنَ الزمان فلا يدٌ مذمومة ... للحادثات ولا سَوَامٌ تذعر

نظم البلاد فأصبحت وكأنها ... عِقدٌ كأنّ العدل فيه جوهر

لم يبق مبدىً موحشٌ إلاّ ارتوى ... من ذكره فكأنما هو محتضرُ

ملكٌ يضلُّ الفكر في أيامه ... ويقلُّ في نفحاته ما يكثر

فلَيَعسُرنَّ على الليالي بعدها ... أن يبتلى بصروفهنَّ المعسر

[وقال يمدح أحمد بن المعتصم وهي من غرر القصائد وفائق الشعر]

ما في وقوفكّ ساعةً من باسِ ... نقضي ذمام الأربعِ الأدراس

فلعلّ عينك أن تعين بمائها ... والدمعُ منه خاذلٌ ومواس

لا يُسعدُ المشتاق وسنانُ الهوى ... يبسُ المدامع باردُ الأنفاس

إنّ المنازل ساورتها فُرقةٌ ... أخلت من الآرام كلَّ كِناس

من كلّ ضاحكةِ الترائب أرهفت ... إرهاف خُوط البانة الميّاس

بدرٌ أطاعت فيك بادرة النوى ... ولعاً وشمسٌ أولَعت بشماس

بِكرٌ إذا ابتسمت أراك وميضها ... نور الأقاح برملةٍ ميعاس

وإذا مشت تركت بقلبك ضعفَ ما ... بحليّها من كثرةِ الوسواس

قالت وقد حمَّ الفراق فكأسه ... قد خولط الساقي به والحاسي

لا تنسين تلك العهود فإنما ... سُمّيت إنساناً لأنك ناس

إن الذي خلق الخلائق قاتها ... أقواتها لتصرفِ الاحراس

فالأرض معروف السماء قرىً لها ... وبنو الرجاء لهم بنو العباس

القومُ ظلُّ الله أسكن دينهُ ... فيهم وهم جبل الملوك الراسي

في كلّ جوهرة فرندٌ مشرقٌ ... وهم الفرند لهؤلاء الناس

هدأت على تأميل أحمد همتي ... وأطاف تقليدي به وقياسي

بالمجتبي والمصطفى والمشتري ... للحمد والحالي به والكاسي

والحمد بُردُ جمالٍ اختالت بهِ ... غررُ الفعال وليس برد لباس

وكأن بينها رضاع الثدي من ... فرط التصافي أو رضاع الكاس

فرعٌ نما من هاشمٍ في تربةٍ ... كان الكفيء لها من الاغراس

لا تهجرُ الانواء منبتها ولا ... قلبُ الثرى القاسي عليها قاسِ

نور العراةِ نوره ونسيمهُ ... نشرُ الخزامى في اخضرار الآس

أبليت هذا المجد ابعد غايةٍ ... فيه وأكرمَ شيمةٍ ونحاس

إقدامُ عمرو من سماحة حاتم ... في حلن أحنف في ذكاء إياس

لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلاً شروداً في الندى والباس

<<  <   >  >>