للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يغتفر لي التطويل بنقل هذه القصيدة، لغرابة أسلوبها، ولأنها مبنية على الهزل الذي يراد به الجد، وقد أتى ناظمها بالغاية التي لا تدرك، والطريقة التي ما رأينا لغيره فيها مسلك تم الاختيار من شعر ابن منير الطرابلسي وأخباره، ويليه الاختيار من شعر ابن معتوق وأخباره٠

[شعر]

ابن معتوق الموسوي هو شاعر العراق في عصره، وسابق حلبته في رقة شعره، ولد سنة ١٠٢٥ ألف وخمسة وعشرين، ونشأ بالبصرة، وبها تعلم الأدب، وقال الشعر، وأجاد، واتصل بالسيد خان أحد أمراء البصرة من قبل الدولة الإير انية، وكان وقتئذ يملك العراق والبحرين، ومدحه مدحاً فائقتة، وأكثر شعره مقصور عليه، وعلى أهل بيته، فغمره بالأحساس، وهو من كبار شعراء الشيعة، فمجح عليا رضي الله عنه، وأهل البيت بما يخرج عن حد الشرع والعقل، ويمتاز شعره بالرقة وكثرة المجازات حتى تكاد الحقيقة تهمل فيه بالجملة توفي سنة١١١١ ألف ومئة وإحدى عشرة.

وقال يمدح السيد علي خان:

خفرت بسيف الغنج ذمة مغفري ... وفرت برمح القد درع تصبري

وجلت لنا من تحت مسكة خالها ... كافور فجر شق ليل العنبر

غدت تذب عن الرضاب لحاظها ... فحمت علينا الحور ورد الكوثر

ودنت إلى فمها أراقم فرعها ... فتكفلت بحفاظ كنز الجوهر

يا حامل السيف الصحيح إذا رنت ... إياك ضربة جفنها المتكسر

وتوق يا رب القناة الطعن إن ... حملت عليك من القوام بأسمر

برزت فشمنا البرق لاح ملثماً ... والبدر بين مقر طق ومخمر

وسعت فمر بنا الغزال مطوقاً ... والغض بين موشح ومؤزر

بأبي مرا شفها التي قد لثمت ... فوق الأقاحي بالشقيق الأحمر

وبمهجتي الروض المقيم بمقلة ... ذهب النعاس بها ذهاب تحيري

تالله ما ذكر العقيق وأهله ... إلا وأجراه الغرام بمحجري

لولاه ما ذاب فرائد عبرتي ... بعد الجمود بحر نار تذكري

كم قد صحبت به من أبناء الظبا ... سرباً ومن أسد الثرى من معشر

وظللت من غسق الشعور بغيهب ... وهديت من تلك الوجوه بنير

يا للعشيرة من لمهجة ضيغم ... كمنت منيته بمقلة جؤذر

روحي الفداء لظبية الخدر التي ... بني الكناس لها بغاب القسور

لم أنسى زورتها ووجنات الدجى ... تباع زفرتها بمسك أزفر

أمت وقد هز السماك قناته ... وسطا الضياء على الظلام بخنجر

والقوس معترض أراشت سهمه ... بقوادم النسرين أيدي المشتري

فغدت تشنف مسمعي بلؤلؤ ... لولاه ناظم عبر تي لم ينثر

وتضم مني في القميص مهنداً ... وأضم منها بالنصيب السمهري

طوراً أرى طوقي الذراع وتارة ... منها أرى الكف الخضيب مسور

حتى بدا كسرى الصباح وأدبرت ... قوم النجاشي عن عساكر قيصر

لما رأت روض البنفسج قد ذوى ... من ليلنا وزهت رياض العصفر

والنجم غار على جواد أدهم ... والفجر أقبل فوق صهوة أشقر

نزعت فضرست العقيق بلؤلؤ ... سكنت فرائده غدير السكر

وتنهدت جزعاً فأثر كفها ... في صدرها فنظرت ما لم أنظر

أقلام مرجان كتبن بعنبرِ ... بصحيفة البلورِ خمسة أسطر

ومضت وحمرة خدها من أدمها ... لبست رماد الملك بعد تستر

لله در جمالها من زائرٍ ... رسم الخيال مثاله بتصور

لم ألقى أطيب بهجة من نشرها ... إلا البشارة في قدوم الحيدري

ابن الهمام أخ الغمام أبو الندى ... بركات شمس نهارنا المولى السري

الخاطب المعروف قبل فطامه ... والطالب العلياء غير مقدر

مصباح أهل الجود والصبح الذي ... ما إن جاب ليل البخل لو لم يسفر

قرن إذا سل الحسام حسبته ... نهراً جرى من لج سبعة أبحر

قرن البراعة بالشجاعة والندى ... والرأي في عفو وحسن تدبر

إلى أن قال:

ومحا سواد الجور أبيضُ عدلهِ ... حتى تخوف كل طرف أحورِ

بعد المشقة نال لّذات العلى ... لا يستلذ نوم من لم يسهر

قل للذي في الجود يطلب شأوه ... أربيت في الغلواءِ ويحك فاقصر

بُدئ الندى منه فأفعال السخى ... عن غير مصدر ذاته لم تصدر

<<  <   >  >>