للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبوكَ شقيقٌ لم يزل وهو للندى ... شقيقٌ وللملهوف ذخرٌ ومعقل

أفاد من العليا كنوزاً لو أنها ... صوامتُ مالٍ ما درى أين تجُعل

فحسبُ امرئٍ أنتَ امرؤٌ آخرٌ له ... وحسبكَ فخراً أنه لك أول

فهل للقريضِ الغضِ أو من يصوغه ... على احدٍ إلاّ عليك معوَّل

ليهنَّ امرؤٌ يثني عليك فإنه ... يقول وإن أربى ولا يتقوَّل

سَهُلن عليك المكرمات فوصفها ... علينا إذا ما استجمعت فيك أسهل

رأيتك للسفر المطَّرد غايةً ... يؤمونها حتَّى كأنك منهل

سألتك ألاّ تسأل الله حاجة ... سوى عفوه مادمت تُرجى وتُسأل

وإياك لا إياي أمدحُ مثلما ... عليك يقيناً لا عليَّ المعول

ولا ترينَ ان العلى لك عندما ... تقولي ولكنَّ العلى حين تفعل

ولا شك انّ الخير منك سجية ... ولكنَّ خير الخيرِ عندي المعجل

[وقال يمدح محمد بن حسان الضبي]

أزعمتَ أنَّ الربع ليس يُتيَّمُ ... والدمعَ في دمنٍ عفت لا يسجمُ

ولقد أراكَ من الكواعب كاسياً ... فاليوم انت من الكواعب محرمُ

يا موسم اللذاتِ غالتك النوى ... بعدي فربعك للصبابةِ موسم

لحظت بشاشتكَ الحوادث لحظةً ... مازلتُ ألعمُ أنَّها لاتسلم

أين التي كانت إذا شاءت جرى ... من مقلتي دمعٌ يُعصفره دمُ

بيضاء تسري في الظلام فيكتسي ... نُوراً وتسربُ في الضياء فيظلم

يستعذبُ الرعديد فيها حتفهُ ... فتراه وهو المستميتُ المعلم

مقسومة في الحسن بل هي غايةٌ ... فالحينُ فيها والجمالُ مقسَّم

مظلومة للورد أطلق طرفها ... في الخلق فهو معَ المنون محكم

مَذلت فلم تكتم جفاءك (تَكتَمُ) ... إنّ الذي يمقُ الملول لمغرم

أن كان وصلك آضَ وهو محرمٌ ... منك الغداة فما السلَّ محرم

عزمٌ يفلُ الجيش وهو عرمومٌ ... ويردُ ظفر الشوق وهو مقلم

وفتى إذا ظلم الزمان فما يُرى ... إلاّ إلى عزماتهِ يتظلم

لولا ابنُ حسانَ المرجى لم يكن ... بالرَّقَةِ البيضاء لي مُتَلوَّم

شافهت أسباب الغنى بمحمدٍ ... حتّى ظننت بأنها تتكلم

قد تُيَّمت منه القوافي بامرئٍ ... مازال بالمعروف وهومتيم

يحلو ويعزبُ إن زمانٌ ناله ... بغنىً وتلتاثُ الخطوبُ فيكرم

تلقاه إن طرق الزمان بمغرمٍ ... شرهاً إليه كأنما هو مغرم

لا يحسب الإقلالَ عدماً بل يرى ... أنَّ المقلَّ من المروءة معدم

مازال وهو إذا الرجالُ تواضخوا ... عندَ التقدَّم حيثُ كان يُقدَّم

يحتل من سعدِ بنِ ضبةَ في ذُرى ... عادّيةٍ قد كللّتها الانجم

قومٌ يَمُجُّ دماً على أرماحهم ... يوم الوغى المستبسل المستلئم

يعلون حتى مايشكّ عدُوهم ... أنّ المنايا الحمرَ حيٌّ منهم

لو كان في الدنيا قبيلٌ آخرٌ ... بإزائهم ما كان فيها مُصِرِم

ولأنت أوضحُ فيهم من غرةٍ ... شدَخَت ولا سيما حواها أدهم

تجري على آثارهم في مسلكٍ ... ما إن له إلاّ المكارم معلم

لم ينأ عني مطلبٌ ومحمدٌ ... عونٌ عليه أو إليه مسُلَّم

لم يذعر الأيام عنك كمرتدٍ ... بالعقل يفهمُ عن أخيه ويَفهمُ

ممن إذا ما الشعرُ صافحَ سمعه ... يوماً رأيت ضميره يتبسم

[وقال يمدح أحمد بن أبي داود]

ألم يأنِ ان تُروى الظماءُ الحوائمُ ... وان ينظمَ الشملَ المبدّد ناظمُ

لئن أرقأ الدمع الغيور وقد جرى ... لقد رويت منه خدودٌ نواعمّ

كما كاد يُنسى عهدُ ظمياء باللوى ... ولكن أملّته عليهِ الحمائم

بعثن الهوى في قلبِ من ليس هائماً ... فقلّ في فؤآدٍ رُعنَهُ وهو هائم

لها نغمٌ ليست دموعاً فإن علت ... مضت حيث لا تمضي الدموعُ السواجم

أما وأبيها لو رأتني لأيقنت ... بطول جوىً تنقدُّ منه الحيازم

رأت قسماتٍ قد تقسَّم نضرها ... سُرى الليل والإسآد فهي سواهم

وتلويح أجسام تصدَّعُ تحتها ... قلوبٌ رياحُ الشوقِ فيها سمائم

ينال الفتى من عيشه وهو جاهلٌ ... ويُكدي الفتى في دهره وهو عالم

<<  <   >  >>