للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وقال يمدحه ويذكر وفد الروم]

قل للسحاب إذا حدتهُ الشمألُ ... وسرى بلبلٍ ركبةُ المتحمّلُ

عرّج على حلبٍ فحي محلةً ... مأنوسة فيها لِعلوة منزل

لغريرةٍ أدنو وتبعدُ في الهوى ... وأجودُ بالودِ المصون وتبخل

وعليلة الألحاظ ناعمة الصبا ... غَري الوشاة بها ولّج العذل

لا تكذبنّ فأنت ألطفُ في الحشا ... عهداً واحسن في الضمير وأجمل

لو شئت عدت إلى التناصب في الهوى ... وبذلتِ من مكنونه ما أبذل

أحنو إليك وفي فؤادي لوعةٌ ... وأصدُّ عنك ووجهُ ودي مقبل

وإذا هممتُ بوصل غيرك ردّني ... وَلهٌ إليك شافعٌ لك أول

وأعزُّ ثم أذلُّ ذلة عاشقٍ ... والحبُ فيه تعزَّزٌ وتذلّلٌ

إنّ الرعية لم تزل في سيرة ... عُمريَّةٍ مذ ساسها المتوكل

الله آثر بالخلافة جعفراً ... ورآه ناصرها الذي لا يخذل

هي أفضل الرتب التي جعلت له ... دون البرية وهو منها أفضل

ملكٌ إذا عاذ المسيء بعفوه ... غفر الإساءة قادراً لا يعجل

وعفا كما صفح السحابُ ورعدهُ ... قصفٌ وبارقهُ حريقٌ مُشعلُ

يتقبل العباس عمَّ محمدٍ ... ووصيَّه فيما يقول ويفعل

شرفٌ خصصت به ومجدٌ باذجٌ ... متمكن فوق المجوم مؤثلٌ

لا يعد منك المسلمون فإنهم ... في ظلّ ملكك أدركوا ما أمَّلوا

حَصَّنت بيضتهم وحطت حريمهم ... وحملت من أعبائهم ما استثقلوا

فاديت بالأسرى وقد غلقوا فلا ... منٌّ يُنال ولا فداءٌ يقبل

ورأيت وفد الروم بعد عنادهم ... عرفوا فضائلك التي لا تجهل

لحظوك اول لحظة فاستصغروا ... من كان يعظم فيهم ويبجل

أحضرتهم حججاً لو اجتلبت بها ... عصمُ الجبالِ لأقبلت تتنزل

ورأوك وضاح الجبين كما يُرى ... قمرُ السماءِ السعد ليلة يكمل

نظروا إليك فقدسوا ولو أنّهم ... نطقوا الفصيح لكبروا أو هللوا

حضروا السماط فكلّما راموا القرى ... مالت بأيديهم عقولٌ ذهل

تهوي اكفهم إلى أفواههم ... فتحيد عن قصدِ السبيل وتعدل

متحيرون فباهتٌ متعجبٌ ... ممّا رأى او ناظرٌ متأمل

ويود قومهمُ الألى بعثوا بهم ... لو ضمهم بالأمس ذاك المحفل

قد نافس الغيب الحضورُ على الذي ... شهدوا وقد حسدَ الرسولَ المرسل

عجّلت رفدهم وافضلُ نائلٍ ... حُبي الوفودُ به الهنيء المعجل

فالله أسألُ أن تعمرَّ صالحاً ... فدوام عمرك خيرُ شيءٍ يُسألُ

[وقال يمدحه]

أنافعي عند ليلى فرطُ حُبيها ... ولوعةٌ لي أبديها وأخفيها

أم لا تقاربُ ليلى من يقاربها ... ولا تداني بوصل من يدانيها

بيضاء أوقد خدّيها الصِبا وسقى ... أجفانها من مُدام الراح ساقيها

في حمرةِ الورد شكلٌ من تايّبها ... وللقضيبِ نصيبٌ من تثنيها

قد عُلّمَت أنني لم أرضَ كاشحها ... فيها ولم أستمع من قول واشيها

ويومَ جدَّ بنا عنها الرحيل على ... صبابةٍ وحدا الأظعان حاديها

قامت تودعني عجلا وقد حدرت ... سوابقٌ من تؤام الدمع تُجريها

واستنكرت ظعني عنها فقلتُ لها ... إلى الخليفة أمضي العيس ممضيها

إلى إمامٍ له ما كان من شرفٍ ... يُعدُّ في سالف الدنيا وباقيها

خليفة الله ما للحمد مُنصرفٌ ... إلاّ إلى نعمٍ أصبحت توليها

فلا فضيلة إلا أنت لابسها ... ولا رعيَّة إلا أنت راعيها

مِلك كملك سليمان الذي خضعت ... له البريّةُ قاصيها ودانيها

وزلفةٍ لك عند الله تُظهرها ... لنا ببرهان ما تأتي وتبديها؟

لما تأبد محل الأرض واحتبست ... غرُّ السحائب حتى ما نرجيها

وقمت مستسقياً للمسلمين جرت ... غرُّ الغمام وحلّت من عزاليها

فلا غمامة إلا أنهلّ وابلها ... ولا قرارة إلا سال واديها

وطاعة الوحش إذا جاءتك من خرقٍ ... أحوى وادمانةٍ كُحلٍ مآقيها

كالكاعب الرود يخفي من ترائبها ... روعُ العبير ويبدو في تراقيها

ألفانِ وافت على قدرٍ مسارعةً ... إلى قبول الذي حاولته فيها

<<  <   >  >>