للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجابه السيد رحمه الله بقوله:

بحمد إله يجمع الشمل عطفه ... وأيدي النوى عما يرام تحاجز

أتاني سلام ضاع بالند نشره ... وفاحت به عطراً إلينا المفاوز

به رد لي عهد الشبيبة والهوى ... وما الشيب لي عن ذلك العهد حاجز

سلام كعقد الدر في جيد غادة ... بضمن كتاب أبدعته الغرائز

كتاب به سر البلاغة واضح ... وكل بليغ عنمجاريه عاجز

غدت نبلاء العصر مذعنة له ... وما كل مقدام جريء يبارز

ولله طرس قد أعاد لي الهوى ... وأبدى من الأشواق ما أنا كانز

فشوقي حكى شوق المتيم خانه ... سلو وصبر والمحجب ناشز

كتاب حبيب حالف الجود كفه ... وها هو في نوع المروءة فائز

همام كريم الذات والأصل ماجد ... له في أثيل المجد قدماً مراكز

فريد المزايا أحمد الذكر باسل ... نجيب لغايات الثنا متجاوز

أبي يفي طبعاً عهود إخائه ... ولكن به يشقي العدو المبارز

له خلق كالروض كلله الندى ... سحيراً وغاداه النسيم المجاوز

بودي لكم أبدي القريض مهذباً ... وليس كمدح زخرفته الجوائز

يرى النزر من شعري كأنفس حلية ... وبالطل عن وبل تسد العوائز

فلما وصلت الأبيات إلى الأمير أحمد بن محمد السديري اقترح على الشيخ حمد بن علي آل مشرف أن ينظم جوابها للسيد عبد الجليل فأجابه إلى ذلك بقوله:

أنظم بديع هذبته الغرائز ... أم الدر من أصداف بحرك بارز

أم الروض حاكت أدمع المزن وشيه ... فعطر من ذاك النسيم المجاوز

أم أبكار فكر قد نظن لآلئاً ... من القول لا ما نظمته العجائز

نعم در ألفاظ القريض أتى بها ... بليغ لأنواع الفصاحة حائز

إلى العلويين الكرام قد انتمى ... ففي هاشم أعراقه والمراكز

أجال بميدان البلاغة خيلهُ ... فصار بها يدعى الكمي المناجز

لقد أحجمت فرسانها عن لقائه ... فكل بليغ عن مراميه عاجز

وأصبح في علم ابن حجة ... ومن ذاله في كل فن يبارز

تجاوز حد الشعر حتى كأنما ... قصائده للمنكرين معاجز

إذا قال قول أنشد الناس شعره ... وغنى به حاد وباد وراجز

وما أنشدت يوماً عرائس شعره ... على مقعد إلا مشى وهو ناشذ

ودبت به روح الصبابة واستوى ... ولو كان محمولا حوته الجنائز

لئن بلغتنا عنك يا ابن طباطبا ... نسيم الصبا شوقاً لحد يجاوز

فإن بنا من لاعج الشوق فوق ما ... بثثت وأضعاف الذي أنت كانز

فإن حكمت أيدي النوى بافترقنا ... وصار لنا من شقة البين حاجز

فإن لأرواح المحبين مجمعاً ... وإن بعدت بين الجسوم المفاوز

ودونك من جهد المقل خريدة ... من الشعر أهدتها إليك الغرائز

أتتك من الأحساء تطلب كفأها ... وما مهرها إلا الرضى والتجاوز

عليك بحسن المدح اثنت مودة ... وما قصد كل الوافدين الجوائز

وخير ختام أن أصلي مسلماً ... على المصطفى من أيدته المعاجز

وأصحابه والآل ما هزت القنا ... وما حركت للدارعين الهزاهز

له رحمة الله قصيدة سماها هداية الأكارم إلى سبيل المكارم ينبغي لكل أديب أريب أن يعتني بحفظها وتأمل معانيها وحسن مبانيها لأنها مما يبعث على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم لاشتمالها على نصائح وآداب وحكم وهذه هي

أحسن جنى الحمد تغنم لذة العمر ... وذاك في باهر الأخلاق والسير

هم الفتى الماجد الغطريف مكرمة ... يضوع نادي الملا من نشرها العطر

وحيلة المرء في كسب المحامد لا ... في نظم عقد من العقيان والدرر

تكسو المحامد وجه المرء بهجتها ... كما اكتسى الزهر زهر الروض بالمطر

يخلد الذكر حمد طاب منشأَهُ ... وليس يمحو المزايا سالف العصر

تميز الناس بالفضل المبين كما ... تميزوا بينهم في خلقه الصور

بقدر معرفة الإنسان قيمته ... وبالفضائل كان الفرق في البشر

وما الفضل في لذة تزهو برونقها ... وأي فضل لأبريز على مدر

زإنما الفضل في علم وفي أدب ... وفي مكارم تجلو صدق مفتخر

<<  <   >  >>