للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدب في الخلال: قال صاحب سرور النفس ورأيت في زماننا من يغلظ في تناول الخلال فأني رأيت في بعض مجالس الوزراء من الطستدارية من يضع الخلال خلف أذنه ويقدم الطست ثم يناوله مخدومه من ذلك الموضع وهو موضع قذر لا يخلو غالباً من أذى ولو كان حامله انظف الناس وأظرفهم وأما تنوله فأني رأيت كثيراً بعد الفراغ من الغسل ليده وفمه ورفع الطست يتناول الخلال وذلك خطا من وجهين: أحدهما انه إذا تخلل وهو مغسول الفم خرج اللحم من عموره وأسنانه إلى فمه فعاد الزفر وبطلت فائدة الغسل، والأخرى انه يلقى ما خرج بالخلال على البساط وحيث اتفق من مواضع مجالسه وتلك قذارة وغن كانت محقرة المقدار فالتنزه عنه أشبه بذوي الأقدار.

وآداب المناولة في الخلال أن يكون مع الطستدار ملفوفاً في ورقة بيضاء فإذا أخرجه وضع إحدى رأسيه بين أصبعيه السبابة والوسطى ومد به يده للرئيس وهو قائم فيتناوله الرئيس وهو على الطست فيتخلل ويلقى ما يخرج بالخلال في الطست أيضاً ويلقى الخلال في الطست ثم يغسل يده وفمه، وقال: ومن اقبح ما رأيت في أخذ الخلال أن بعض الرؤساء يتناول الخلال بيده وهي زفرة فيرشقه في شعر لحيته ويغسل يديه ويتحدث طويلاً والخلال مغروز في لحيته وذلك أقبح ما يكون ورأيت هذا الرئيس الذي أشرت إليه يأخذ الخلال بعد غسل يده وتنظيفها ومسحها بالمنشفة فيستعمل الخلال ويضعه في شعر لحيته تظرفا منه، قال كناجم واخذ الخلال من المروءة لتنظيف الأسنان وتنقيتها من زفر اللحم لن اللحم إذا بات في الأسنان أنتن لا سيما إذا كان فيه صلابة والخبز أيضاً إذا بات في الأسنان انتن الفم وصفر الأسنان.

استشارت امرأة امرأة في رجل تتزوجه فقالت لا تفعلي فإنه وكلة تكلة يأكل خلله ووكلة وتكلة بمعنى واحد كرر للمبالغة وهو الذي يتكل في الأمور على غيره ولا يباشرها بنفسه والتاء في تكلة واو كما قالوا في تراث وهو من وراث والخلل ما يخرج من بين الأسنان عند التخلل قال أبو هلال العسكري وليس في اللوم شيء من الكلام أبلغ من هذا ولبعضهم فيه:

وناولني من كفه شبه خصره ... وشبه محب ذاب من طول هجره

وقال خلالي فلت كل حميدة ... سوى قتل صب حار فيك بأسره

وقال الفقيه أبو الحسن بن عبد الكريم الأنصاري:

وخلال صنع السقم به ... من نحولي في الهوى ما قد وجب

أذهب الجسم وأبقى رأسه ... وكان الرأس كالجسم ذهب

مغرم بالبيض يسعى نحوها ... لارتشاف الثغر أو ورد الشنب

<<  <   >  >>