للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن جميع الإسرائيلي: من الأطباء المشهورين والعلماء المذكورين خدم سلطان مصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وحظي في أيامه وكان رفيع المنزلة نافذ الأمر ونقل عنه من حذقه أنه كان جالساً في دكانه وقد مرت عليه جنازة فلما نظر إليها صاح يا أهل الميت وذكر لهم أن صاحبهم لم يمت وأنهم إن دفنونه حيا فصاروا ناظرين إليه كالمتعجبين من قوله ولم يصدقوه فيما قال ثم إنهم قال بعضهم هذا الذي يقوله ما يضرنا إنا نمتحنه فإن كان حياً فهو الذي نريده وإن لم يكن حياً فما يغير علينا شيء فاستدعوه إليهم وقالوا بين الذي قلت لنا فأمرهم بالمصير إلى البيت وأن ينتزعوا عنه أكفات ... نه وقال لهم احملوه إلى الحمام وسكب عليه الماء الحار فأحمى بدنه ونطله نطولاً وغطسه فرأى فيه ادنى حس وتحرك حركة خفية فقال أبشروا بعافيته ثم تمم علاجه إلى أن أفاق وصلح فكان ذلك مبدأ اشتهاره بجودة الصنعة والعلم وظهرت عنه ثم سئل بعد ذلك من أين علمت حال ذلك الميت وهو محمول وعليه الأكفان أن فيه روحاً فقال إنب نظرت إلى قدميه فوجدتهما قائمتين وأقدام الذين قد ماتوا تكون منبسطة فحدست أنه حي وكان حدسي صائباً والله أعلم.

الحكيم صدقة السامري: هو الفاضل صدقة لبن منجا بن صدقة ويعرف بابن الشاعر من الأكابر في صناعة الطب والمتميزين من أهلها والأماثل من أربابها خدم الملك الأشرف موسى بن العادل بن أيوب إلى أن توفي في خدمته وكان يحترمه غاية الاحترام ويكرمه غاية الإكرام وخلف من الكتب عشرة آلاف مجلدة غير كراريس وأوراق مفرطة تقدير ألف مجلد ومن كلامه انظر الموت بعين عقلك تره قريباً ولا تره بعين أملك تلحظه بعيداً وقال العلم شجرة في القلب تزرع ومن السنتنا تظهر ثمارها وقال أنت بنفسك قريب من موجدك ومكونك وبشهواتك وعصيانك أنت بعيد من ربك ومن نظمه:

يابن قسيم أصبحت تنتحل النح? ... ?وودعواك فيه منحولة

أمك ما بالها قل وأجب ... مرفوعة الساق وهي مفعوله

فاعلها الإير وهو منتصب ... مسائل قد أتتك مجهولة

والعين عطل وعين عصعصها ... بنقطة الخصيتين مشكوله

وله: ?شيخ لنا من عظمه داهيه ... ما مثله في الأمم الخالية

مهندس في طول أيامه ... مع قصره يبتلع الساقيه

مثلث بدعمه قائم ... لأنه منفرج الزاوية

نقلت من خط المرحوم فخر الدين بن مكانس كتب صاحبنا فخر الدين عبد الوهاب كاتب الدرجة الشريفة رحمه الله إلى ابن صفير المتطبب وقد دعاه في مرضه ودخل إلى الطهارة فعثر في طست الحقنة فاختصبت رجله رقعة يداعبه بها أولها، الشيء بالشيء يذكر، توجه سيدي بالأمس مخضب القدم من هيولاه ذا مأمن محله المعمور لما منة تولاه وما كان من حقه في أمسه تكدير نفسه ولكل شيء آفة من جنسه هذه مسألة عركها أكبر منه لجبين واشتغل بها اشتغال ذي النحيين وأظنه قبل قدمه فخرج على تلك الصورة أو بعض أجزائه خلع صورة ولبس صوره.

مفرد:

فتى غير محجوب الندى عن صديقه ... ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت

على أنه أكثر محافظة ووداً وأرعى ذمة وعهداً كم أحرقته نار وجد إلى أوطانه وأزعجبته من مكانه وهو لا يظهر إلا حباً ولا يطلب منه إلا قرباً:

لاشك إذ لونكما واحد ... إنكما من طينة واحدة

وبالجملة فأنا أسأل الله أن يكفيه سوء هذه المحنة كما كفى شمائله اللطيفة شر الابنة إنه مجيب الدعاء ولي المنة.

حكي أن بعض الأطباء كان في بعض خدمة الملوك في غزوة ولم يكن معه وقت النصرة كاتب يرسل فتقدم إلى الطبيب أن يكتب إلى الوزير يعلمه بذلك فكتب الطبيب أما بعد فإنا كنا مع العدو في حلقة كدائرة البيمارستان حتى لو رميت مبضعاً لم يكن الأعلى فيقال لم يكن إلا كنبضة أو نبضتين حتى لحق العدو بحران عظيم فهلك الجميع سعادتك يا معتدل المزاج.

قلت ما رأيت أحسن من هذا ولا أوجز ووجدت بخط طبيب على بعض الكتب طالعت هذه النسخة فوجدتها تأن سقماً فعالجتها بالمقابلة إلى أن تمايلت للصحة، ولبعضهم يهجو طبيباً يهودياً:

قالوا اليهودي أخو حكمة ... لا زالت الأمراض في كأسه

لو كان ذا النخس أخا حكمة ... أزل دا الصفراء من رأسه

وما ألطف قول الشيخ زين الدين بن لوردي مضمنا:

يا من يطبب قوماً ثم يهملهم ... يوما بماذا عداك الشر تعتذر

<<  <   >  >>