للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر أرسطاطاليس أن ماء البحر الذي يتكون منه اللؤلؤ على ما قدمناه إذا قطر منه في الكف أو غمس فيه بعض أعضاء البدن ألبس ذلك العضو صبغاً كالفضة المذابة.

وذكر أيضاً أنه من وقف على حل الدر من كباره أو صغاره حتى يصير ماء رجراجاً ثم طلى به البياض الذي يكون في الأبدان من البرص من أول طلية يطليها وإن سعط بذلك الماء من به صداع من قبل انتشار أعصاب العيون أذهبه عنه وكان شفاؤه في أول تسعيطة.

قال التيفاشي مما جربته واختبرته ووقفت عليه بالعمل أن حماض الأترج يحل الجوهر إلا أنه يحله خائراً مثل المني لا يعلق بالأجسام إذا طلي عليها والمياه الحادة الطاهرة القوية الحريفة تحله رجراجاً يعلق بالأجسام على ما يوجبه القياس في حل الحماض له وقد جربته فصح.

عيوبه: التصديف وعدم الاستقرار والصفرة والانبراص وهو قبيح البياض وخطيه وعدم رونقه وسعة الثقب وصغر الجرم وقلة الوزن.

الأشياء التي تضر بالجوهر: الأدهان جميعها والحموضات بأسرها لاسيما ماء الليمون ووهج النار والعرق والذفر والاحتكاك بالأشياء الخشنة والله أعلم، الذي يجلوه ويذهب وسخه ماء حماض الأترج إلا أنه إذا لح عليه به قشره ونقص وزنه وهو يحله ايضاً خاثراً كما ذكر قبل.

محاسن تليق بهذا المكان: قال القاضي السعيد بن سناء الملك من قصيدة فاضلية أولها:

نعم هي سعد أو هي لي قمر سعد ... وصال ولا صد وقرب ولا بعد

يعانقها من دوني العقد وحده ... فيا عجبا يا قوم لم يعلق العقد

هي البدر إلا أنها كله سنا ... هي الغصن إلا أنه كله ورد

ولو أبصر النظام جوهر ثغرها ... لما شك فيه أنه الجوهر الفرد

وقال من قصيدة أخرى فاضلية أيضاً أولها:

باتت معانقتي ولكن في الكرى ... أترى دري ذاك الرقيب بما جرى

ونعم دري لما رأى في بردتي ... ودعا وشم من الثياب العنبرا

بأبي وأمي من حلمت بذكرها ... لما انتبهت ومذ رقدت تفسرا

ومن العجائب أن ماء رضابها ... حلو ويخرج حين تبسم جوهرا

وله من مرثية أولها:

كجسمك جسمي أصبح اليوم باليا ... ولكن ما بي عاد للناس باديا

يخيل لي أني دعيت إلى الردى ... وأنك عني قد أجبت المناديا

فيا أسفي إذ كنت قبلي ماضيا ... ويا خجلي إذ صرت بعدك باقيا

وغاص فؤادي في بحور همومه ... فألقى إلى جفني الدموع لآليا

وقال ابن الحلاوي جوابا عن رقعة من أبيات:

فإن كان زاهراً فهو صنع سحابة ... وإن كان دراً فهو من لجة البحر

وقال صفي الدين الحلي من قصيدة أولها:

ألست ترى ما بالعيون من السقم ... لقد نحل المعنى المدقق من جسمي

وأضعاف ما بي بالخصور من الضنا ... على أنها من ظلمها عصبت قسمي

وما ذاك إلا أن يوم وداعنا ... وقد غفلت عين الرقيب على زعمي

ضممت ضنا جسمي إلى ضعف خصرها ... لجنسية كانت لها علة الضم

فيا من أقامتني خطيباً لوصفها ... أرصع فيه صنعة النثر والنظم

خذي الدر من لفظي وإن شئت نظمه ... وإن عزت سلكاً للنظام فها جسمي

وقال ابن سناء الملك من قصيدة أشرفية أولها:

جسمي كما حكم الغرام وحسبها ... أن الغرم يزورني ويغبها

علقت ظبيته وعيشي أخضر ... فرعته ظناً أن عيشي عيشها

ومنها في المدح:

وأرى العقد حسدن ما قد سطرت ... يمناه حتى اصفر منها حبها

ومما ينظم في هذا السلك قول شيخنا العلامة بدر الدين الدماميني من قصيدة أولها:

رضيت فيه بقتل النفس مذ سخطا ... مهفهف سل سيف الجفن واخترطا

ومنها في المديح: ونظمه الدر حسنا قد علا وغلا ... بينا سواه رأينا نظمه سقطا قال ابن منير وأجاد:

لا تخدعنك وجنة محمرة ... رقت ففي الياقوت طبع الجلمد

وقال النور الأسعردي: قد كدت أحرق خده يوم النوى ... بتنفسي لو لم يكن ياقوتا وما أحسن قول أبي الحسن علي بن عبد العزيز الحلبي المعروف بالفكيك يخاطب بعض التجار:

أنا جعفر أنفذت أطلب عمة ... أفاق عليها الدر رونق حسنه

كرقة دين البابلي ولونها ... كطاجنه المبيض في طول قرنه

فأنفذتها بالضد في لون عرضه ... وهمته قصراً وفي سلك ذهنه

<<  <   >  >>