للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضمن هذا الغزل شيخنا عز الدين الموصلي:

لحديث بنت العارضين طراوة ... وطلاوة هامت بها العشاق

فإذا نهانى المراد قلت تمهلوا ... فاليكم هذا الحديث يساق

قلت وفي مقطوعة الشيخ فخر الدين زيادة حسنة على الشيخ عز الدين وهو قوله يساق واستعمل الشيخ عز الدين لفظة حديث في عدة أماكن من مقاطيعه ولعمري أجاد في جميعها فمنها قوله:

حديث عذار الحي باد وساقه ... له أوجه تبدي لقلبي اشتياقه

درى أننا نشتاق لطف حديثه ... فأبدى لنا ذاك الحديث وساقه

وقوله:

حديث عذار الحب في خذه جرى ... كمسك على الورد الجنى تسطرا

فقبلته حتى محوت رسومه ... كأن لم يكن ذاك الحديث ولا جرا

ولغيره وليس مما تقدم لكن ذكرناه لموافقة المعنى:

ولما اجتمعنا والسلو جليسنا ... على أننا نسلو الهوى ونميل

وخيل غرام قد أتتنا مغيرة ... فلم ندر إلا والسلو قتيل

ومنه: وحياة من أمست لدى حياته ... أشهى إلى من اتصال حياتي

ما سافرت لحظات طرفي نحوكم ... إلا على خيل من العبرات

ومنه قول عز الدين الموصل شعراً:

يستطرد الشوق خيل الدمع سابقة ... تفضل السحب فضل العرب للعجم

وما ألطف قول بدر الدين بن الصاحب:

بالله يا بدر زرني ... وعد محباً سقيماً

واكتم محبك واركب ... من الظلام بهيما

وأنشدني شيخنا زين الدين بن العجمي لنفسه:

لمظلمات الليالي ... أشكون شجوني الليمة

وكيف تفهم معنى ... شكواى وهي بهيمة

فخر الدين بن مكانس:

لله أشكو ما جرى ... وهو بشكواى عليم

أن بهيما كان لي ... فضاع في الليل البهيم

ولمؤلف الكتاب:

ولرب ليل طال من تذكارهم ... أرعى الدجى فيه وليس ببارح

قرح الجفون السهد في ظلماته ... فلذاك يدعى بالبهيم القارح

وعلى ذكر البهيم فما أحسن ما أنشدني لنفسه مجد الدين بن مكانس:

لله عصبة عشق ... طيب الكرى حرموه

عذولهم كحمار ... لا بدع أن صرموه

وأنشدني صدر الدين بن الآدمي لنفسه: قلت وليلى لونه حالك ... وجنحه في ليله كالسقيم الصفدي في أدهم بغرة:

وأعجبنا للصبح من أشقر ... ما آن أن يلحق ليلاً بهيم وغيره:

تردى أيدم الليل تيها بنفسه ... وأطمع حتى في منال الكواكب

وأبدى لرائيه بغرة وجهه ... بياض العطايا في سواد المطالب

وأمشدني فخر الدين بن مكانس:

لنا فرس نلاقي منه رفقاً ... كرفق الوالدين إذا ثملنا

ترانا حين نركبه سكارى ... نميل على جوانبه كأنا

حدث أحمد بن أبي خالد قال خرج الفيض بن أبي صالح وأحمد بن الجنيد وجماعة من وجوه الكتاب يوماً من دار المأمون منصرفين إلى منازلهم وكان يوماً مطيراً فتقدم الفيضابن أبي صالح وتلاه أحمد بن الجنيد فنضخت دابة الفيض على ثياب أحمد بن الجنيد برجلها من ماء المطر فتأفف أحمد بن الجنيد وقال للفيض هذه والله مسايرة بغيضة وما أدرى حقاً أوجب لك التقدم علينا فأمسك الفيض حتى صار إلى منزله ثم دعا وكيله فأمر باحضار مائة تخت في كل تخت قميص وسروال ومبطنة وعمامة وطيلسان ففعل ذلك وقال احمل هذه التخوت على مائة حمال وسر بها إلى دار أحمد بن الجنيد وقل له أوجب لنا التقدم عليك أن لنا مثل هذا نهديه إليك إذا أفسدنا ثيابك قإن أهديت لنا مثلها قدمناك علينا.

<<  <   >  >>