للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

عن أبي سعيد الخدري يرفعه أن الله جل ذكره لما حوط حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرس غرسها ثم قال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون فقال تعالى طوبى لك منزل الملوك وقال زيد بن أرقم قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون قال نعم والذي نفسى بيده إن أحدهم ليعطي قوة مائة رجل في الأكل والشرب قال فإن الذي يأكل تكون له الحاجة والجنة طيب لا خبث فيها قاتل عرق يفيض من أحدهم كرشح المسك فيضمر بطنه، دخل داود عليه السلام غارا من غيران بيت المقدس فوجد حزقيل يعبد ربه وقد يبس جلده على عظمه فسلم عليه فقال أسمع صوت شعبان ناعم فمن أنت فقال داود قال الذي له كذا وكذا امرأة وكذا وكذا أمة قال نعم وأنت في هذه الشدة قال ما أنا في شدة ولا أنت في نعمة حتى ندخل الجنة، قال مالك بن دينار جنات النعيم بين جنات الفردوس وفيها حور خلقن من ورد الجنة قيل ومن يسكنها قال الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا عظمة الله راقبوه، وقال بعض العلماء في السدس الأخير من الليل تفتح أبواب الجنة ألا ترى أن أرواح الرياحين تفوح في ذلك الوقت، جاء الإسلام ودار الندوة بيد حكيم بن حزام فباعها من معاوية بمائة ألف درهم فقال له عبد الله بن الزبير بعت مكرمة قريش فقال ذهبت المكارم إلا من التقوى بابن أخي اشتريت بها دارا في الجنة أشهدك أني جعلتها في سبيل الله.

ولمؤلفه رحمه الله:

إذا رأيتم قبر خير الورى ... والمنبر الزاهي وإجلاله

بشراكم الجنة هنيتم ... ومن يرى هذا فطوبى له

وأنا أبتهل بلسان التضرع والخضوع وأسأل لحظات الاعتراف والخشوع لمتصفحي كتابي هذا وأبوابه ومأملي ألفاظه وإعرابه الصفح عما يقفوا عليه من عثرات العبارات والمعاني والتجاوز عما وقع فيه من التقصير والتواني فالمعترف بذنبه كمن لا ذنب له ومن لا يقبل العذر فالذنب له.

من رام أن يقبل الباري معاذره ... فليقبلن مسرعاً ممن له اعتذار

وليقتد بقوله تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) لاسيما مع استغراق زمان أنا بنكده منوط وليل ونهار أنا فيهما بطلب القوت مربوط وأغزا في عجومة ظاهرة في البيان وعجمه غالبة في اللسان تمنع عن إدراك حقائق المرادات والجمع بين دقائق المعاني وحسن العبارات ولكنني مكره في ذلك لا بطل:

فإن لم يكن نظم القصائد شيمتي ... وليس جدودي يعرب وإياد

فقد تسجع الورقاء وهي حمامة ... وقد تنطق الأوتار وهي جماد

ثم قل أن يخلص مصنف كتاب من الهفوة بل الهفوات وهيهات ثم هيهات أن ينجو الناظر أو المؤلف من العثرة بل العثرات خصوصاً مع الممتحنين بل المتعنتين والحاسدين المغتبين ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من طلب عثرة أخيه ليهتكه طلب الله عثرته فهتكه".

لا تلتمس من مساوى الناس ما ستروا ... فيهتك الله ستراً من مساويكا

واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ... ولا تعب أحداً منهم بما فيكا

وأنا أقسم على جماعة متصحفيه ان يتأملوه وينظروا فيه بعين الرضا ويعبروا عنه بلسان الصفا والوفا فإن تجد فيه بعيداً قربه أو خطأ أصلحه وصوبه:

فإن زل طرفي أو كبا فهو حلبة ... يزل بها الطرف المهطم جاريا

فعفوا جميلاً عن خطاي فإنني ... أقول كما قد قال من كان شاكيا

وعين الرضا عن كل عين كليلة ... كما أن عين المنحط تبدي المساويا

وبالله أستعين أولاً وآخراً وباطناً والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

(١) الآية: ٣٤ من سورة فاطر.

<<  <