للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ شمس الدين خلكان في تاريخه رأيت خلقاً كثيراً يعتقدون أن الصولي هو واضع الشطرنج وهو غلط وإنما واضعه صصه بصادين مهملتين أحدهما مكسورة والثانية مشدودة مفتوحة وفي الآخر هاء ساكنة وأدزشير بن بابك أول ملوك الفرس الأخيرة هو الذي وضع النرد ولذلك قيل النردشير نسبوه إليه وازدشير لفظ عجمي تفسيره بالعربي دقيق وحليب فأزد دقيق وشير حليب وقيل دقيق وحلاوة وقيل هو بالزاي لا بالراء وضعه مثالاً للدنيا وأهلها فرتب الرقعة اثني عشر بيتاً بعدد شهور السنة والمهارك ثلاثين قطعة بعدد أيام الشهر والفصوص مثل الأفلاك ورميها مثل تقبلها ودورانها والنقط فيها بعدد الكواكب السيارة كل وجهين منها سبعة الشش ويقابله إليك والبنج ويقابله الجو والجهار ويقابله السا وجعل ما يأتي به اللاعب من النقوش كالقضاء والقدر والجهار تارة له وتارة عليه وهو يصرف المهارك على ما جاءت به النقوش لكنه إذا كان عنده حسن نظر عرف كيف يتأتى وكيف يتحيل على الغلب وقهر خصمه مع الوقوف عندما حكمت به الفصوص.

ولما تم وضعه واشتهرت افتخرت به الفرس وكان ملك الهند يومئذ بلهيث فوضع له صصه المذكور الشطرنج فقضت حكماء ذلك العصر بتفضيله على النرد ولما عرضه على الملك وأوضح له أمره سأله أن يتمنى عليه عدد تضعيف بيوته قمحاً فاستصغر الملك ذلك من همته وأنكر عليه ما قابله من النزر القليل في ذلك فقال له ما أريد غير ذلك فأمر له بذلك فلما حسب أرباب الديوان ذلك قالوا للملك ما عندنا ما يقارب القليل منه فأنكر ذلك فأوضحوا له بالبرهان فأعجبه الأمر الثاني أكثر من الأول.

قال القاضي شمس الدين بن خلكان ولقد كان في نفسي حزازة من هذه المبالغة حتى اجتمع بي بعض حساب الإسكندرية وذكر لي طريقاً يبين لي ما ذكروه وأحضر لي ورقة بصحبة ذلك وهو أنه ضاعف الأعداد إلى البيت السادس عشر فأثبت اثنين وثلاثين ألف وسبعمائة وثمانية وستين حبة وقال نجعل هذه الجملة مقدار قدح وقد عبرتها فكان الأمر كما ذكروه والعهد عليه في هذا النقل ثم ضتعف السابع عشر إلى البيت العشرين فكان فيه ويبة ثم انتقل من الوبيات إلى الأردب ولم يزل يضعفها حتى انتهى في البيت الأربعين إلى مائة ألف أردب وأربعة وسبعين ألف أردب وسبعمائة اثنين وستين أردباً وثلثي أردب وقال في هذا المقدار شونة ثم ضاعف الشون إلى بيت الخمسين فكانت الجملة ألفا وأربعة وعشرين شونة ثم قال هذا المقدار مدنية ثم إنه ضاعف إلى البيت الرابع والستين وهو آخر الأبيات فكانت الجملة ستة عشر ألف مدينة وثلاثمائة وأربعاً وثمانين مدينة وقال يعلم لأنه ليس في الدنيا مدن أكثر من هذا العدد انتهى.

قال أبو عبد الله محمد بن الأكفاني إذا جمع هذا هرماً واحداً مكعباً كان طوله ستين ميلاً وعرضه كذلك وارتفاعه كذلك بالميل الذي هو أربعة آلاف ذراع بالعمل الذي هو ثلاثة أشبار معتدلة على أن الأردب المصري مساحته ذراع مكعب وزنه مائتان وأربعون رطلاً وكل رطل مائة وأربعة وأربعون درهماً والدرهم أربعة وستون حبة من القمح.

قال عمر بن الخطاب (وقد ذكر عنده الشطرنج إني لأعجب من ذراع في ذراع يديرها الحكماء مذ وضعت لم يقفوا لها على غاية.

قيل سبب وضع الشطرنج أن ملوك الهند ما كانوا يروا القتال فإذا تنازعوا في كورة او مملكة تلاعبا بالشطرنج فيأخذها الغالب من غير قتال.

ذمها: ذكر الصولي في كتابه كتاب شعراء مصر أن خرسان الشاعر كان حاذقاً بلعب الشطرنج فعابها الحسين الجمل مكائده له فقال صاحبها أبداً مشغول بهموم يحلف بالله كاذباً يعتذر مبطلاً ويشتم نفسه ويسخط ربه وكل صناعة يجوز المكاثرة فيها غيرها فإن صاحبها يغلب في ساعة فيقضي دعواه وهو لعب الصائم إذا جاع والعامل إذا عزل والمخمور حتى يفيق وإنما يهزم خشب خشباً ثم عن الرجل يسأل عن غلامه فيقال له هو يلعب فيضربه ولايستحي أن يقول قم حتى نلعب وهو يلاعبه وأن تقول في الكناس ما أحذقه وفي الطنبور ما اضربه وإذا اعترف عن الشطرنج قلت ما ألعبه فما يقول في صناعة العبارة عن الكناس أحسن من العبارة عن صاحبها.

قال الجاحظ: سمعت النظام يقول في الشطرنج غنيان عجزاً عن الأدب فتلاعباً بالخشب.

دخل أبو العبيس على أبي تمام وهو يلعب بالشطرنج وكان وسخاً فقال ما أوسخ هذا الشطرنج فقال أبو تمام واللعب أوسخ.

<<  <   >  >>