للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولي من الورق في أوراقها طربا ... كأنهن على العيدان قينات

وقال الشيخ مجد الدين الأرموي (توفي سنة إحدى عشرة وسبعمائة) :

كم للنسيم على الربا من نغمة ... وفضيلة بين الورى لن تجحدا

ما زادها وشكت إليه فاقة ... إلا وهزلها الشمائل بالندى

وقال محيي الدين بن قرناص رحمه الله تعالى:

أظن نسيم الروض والزهر قد روى ... حديثا ففاحت من شذاها المسالك

وقال دنا فصل الربيع فكله ... ثغور لما قال النسيم ضواحك

وقال الفاضل علاء الدين علي بن ظافر العسقلاني في كتابه بدائع البداية قال اجتمعت أنا والقاضي الأعز يوما فقلت له أجز:

طار نسيم الروض من وكر الزهر ...

فقال:

وجاء مبلول الجناح بالمطر ...

قلت: الشيء بالشيء يذكر، ذكرت بقول العسقلاني ما أنشدني من لفظه لنفسه الشيخ عز الدين الموصلي محاجيا:

يا من له حسن لفظ يثنى عليه المثاني ... ما مثل قول الهاجي أحوى الشفاه جفاني

وذكرت بلطف هذه الأحجية ما أنشدنيه من لفظه لنفسه سيدنا ومولانا الفاضل المفتن المحدث المؤرخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ نور الدين علي الشهير بابن حجر أبقاه الله محاجيا:

يا فاضلا هو في الأحاجي ليس يخلو من ولع ... ما مثل قولك للذي يبكي الحبيب اسكت رجع

وظرف من قال:

وروضة رقصت أغصانها وشدت ... أطيارها وتولى سقيها المحب

وظل شحرورها الفريد تحسبه ... أسويداً زامراً مزماره ذهب

وقال ابن خفاجة في نهر تحف به أشجار:

قد رق حتى ظن درعا مفرغا ... من فضة في بردة خضراء

وغدت تحف بها الغصون كأنها ... هدب تحف بمقلة زرقاء

وقال الرصافي نهر تحف به شجرة:

فاتت عليه مع الظهيرة سرجة ... صدئت لعينها صفيحة مائه

فتراه أزرق في غلالة سمرة ... كالراع يستقلي بظل لوائه

وقال نور الدين علي بن سعيد:

كأنما النهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم ينشئها

لما أبانت عن حسن منظرها ... مالت عليه الغصون تقرؤها

وقال بعض المغاربة وأجاد الغاية:

ومنمنم الشطين أحكم صقله ... كالمشرق قد اكتسى بفرنده

فخمائل الديباج منه حمائل ... متعانق فيها البهار بورده

ولقد اختفى طرف له في دوحة ... كالسيف رد ذبابه في غمده

وقال محيي الدين بن عبد الظاهر رحمه الله:

وبطحاء في روض يروقك روضها ... ولا سيما إن جاد غيث مبكر

تلاحظها عين تفيض بأدمع ... يرقرقها منه هنالك محجر

بها فاض نهر من لجين كأنه ... صفايح أضحت بالنجوم تسمر

كأن حصاها إذ بدا فيه أحمر ... وأبيض دمع في خدود ينثر

وإلا فبرد بالظلال مسهم ... وإلا فطراس بالتجعد يسطر

وما لاح في جنبيه نبت وإنما ... تبدا عذارا منه في الخد أخضر

وكم غازلته للغزالة مقلة ... تسارق أوراق الغصون فتنظر

وتبصر منه كل حسن فينبري ... حياء لديه وجهها وهو أصفر

إذا فاخرته الريح ولت عليلة ... بأذيال كثبان الربى تتعثر

به الفضل يبدو والربيع وكم غدا ... به الروض يحيى وهو لا شك جعفر

وقال علي بن ظافر: مررت أنا والقاضي الأعز رحمه الله تعالى بساقية تتلوى تلوي الأفعوان، وتخفق خفقان قلب الجبان، والزهر قد نظم بلبتها عقودا فوق أثوابها الممسكة والنسيم يكسوها ويسلبها غلائل معركة فقلت: أساقية أم أرقم فر هاربا فقال: أم الريح قد هزت من الماء قاضبا فقلت:

حصا مثل در الثغر أجرى زلاله ... رضاباً وأبدى نبته النضر شاربا

فقال:

يوشحها زهر الرياض قلائدا ... ويلبسها مر الرياح جلائبا

وقال الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة:

ورائحة رباتها تهابها الصبا ... تهادى عطف المترف المتخرر

وقد صقلت من صفحة الماء منصلا ... به من شعاع الشمس رونق جوهر

فمن شبك قد حيك حوك مفاضة ... ومن سمك قد صيغ صيغة خنجر

وقد نظرت شمس الأصيل إلى الربا ... فأضعف من طرف المريب وأفتر

ولاح على بلورة من غديره ... شعاع شراب للعيشة أصفر

وصفرة مسواك الأصيل تروقني ... على لعس من مسقط الشمس أسمر

<<  <   >  >>