للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض الحكماء لبعض الملوك: لا تمكن الناس من كثرة رؤيتهم لك فإن أجرأ الناس على الأسد أكثرهم له رؤية.

وقال آخر كثرة الأذن مجلبة الابتذال وهيبة الملوك في الاحتجاب وكان يقال المبذول مملوك والممنوع متبوع.

ولله در ابن المعتز وما أحسن قوله:

كما يخلق الثوب الجديد ابتذاله ... كذا يخلق المرء العيون اللوافح

وقيل لبعض الحجاب متى تفرغ ولايتك فقال متى حضر طعام مخدومي وأين هذا من قول القائل:

جزت على باب صديق لنا ... وبابه من دونه مقفل

وحول تلك الدار غلمانه ... قد أحدقوا بالباب واستكملوا

فقلت ما يصنع مولاكم ... قالوا سمعنا أنه يأكل

قلت فلما يفتح مولاكم ... قالوا بلى رأس الذي يدخل

وقيل لبعضهم: هل تغديت عند فلان؟ قال لا ولكنني مررت ببابه وهو يتغدى، قال فكيف علمت؟ قال رأيت غلمانه بأيديهم قسى البندق يرمون الطير في الهوى.

وقال بعضهم:

رأيت أبا زرارة قال يوماً ... لحاجبه وفي يده الحسام

لئن وضع الخوان ولاح شخص ... لأختطفن رأسك والسلام

فقال سوى أبيك فذاك شيخ ... بغيض ليس يردعه الكلام

فقال وقام من حنق إليه ... بقد لام يزد فيه القيام

أبي وأبو أبي والكلب عندي ... بمنزلة إذا حضر الطعام

فما في الأرض أقبح من خوان ... عليه الخبز يحضره الزحام

وما أحسن قولا القاضي الفاضل:

بتنا علبى حال يسر الهوى ... وربما لا يمكن الشرح

بوابنا الليل فقلنا له ... إن غبت عنا هجم الصبح

وله في بواب يلقب بالبحري:

وهب أن هذا الباب للرزق قبلة ... فها أنا وقد وليته دونكم ظهري

وهب أنه البحر الذي يخرج الغنى ... فكل خرافي الشط في لحية البحري

وقال كمال الدين بن النبيه (توفي سنة تسع عشرة وستمائة) لما سمع قول الفاضل:

قلت لليل إذا حباني حبيبا ... بغناء يسبي النهى وعقارا

أنت يا ليل حاجبي فامنع الص? ... ?بح وكن أنت يا دجى برد دارا

وقال ناصر الدين بن النقيب:

ماذا على بواب دراكم الذي ... لا إذن يعطينا ولا يستأذن

لو ردنا رداً جميلاً عنكم ... أو كان يدفع بالتي هي أحسن

وللشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة في غير المعنى:

يا رب إن النيل زاد زيادة ... أدت إلىهدم وفرط تشتت

ما ضره لو جاء على عاداته ... في دفعة أو كان يدفع بالتي وأنشدني الشيخ العلامة عز الدين الموصلي لنفسه (المتوفي سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وأخبرني أن مولده أربع وعشرين وسبعمائة) :

قد سلونا عن الحبيب بخود ... ذات وجه به الجمال تفنن

ورجعنا عن التهتك فيه ... ودفعنا بالتي هي أحسن

رجع إلى ما كنا فيه: قال الناشئ الأصغر (المتوفي سنة ست وستين وثلاثمائة) :

ليس الحجاب بآلة الأشراف ... إن الحجاب مجانب الإنصاف

ولقل ما يأتي فيحجب مرة ... فتعود ثانية بقلب صاف

وقال أبو الحسين الجزار (مولده سنة إحدى وستين وستمائة، ووفاته سنة اثنتين وسبعين وستمائة) :

أمولاي ما من طباعي الخروج ... ولكن تعلمته من خمولي

وصرت لديك أروم الغنى ... فيخرجني الضرب عند الدخول

وألم بهذا الأديب شمس الدين الضفدع فقال:

وافا إلى خدمته العبد كي ... يحظى بتقبيل يد أو قبول

واستأذن الخادم في قربه ... منكم لأن البعد ستر يحول

فكاد أن يخرجه الضرب عن ... غناك بالإيقاع قبل الدخول

٣أوحى إليه منه قولاً فما ... بلغ عنه ما يقول الرسول ونقلت من خط فخر الدين بن مكانس للجمال ابن عبد الغني:

أتيت إلى بابك يا سيدي ... أهنيك بالعيد مع من يهني

فأخرجت من بعد ذاك الدخول ... وقد جئت يعني مدلاً بأني

مغن ويخرج بعد الدخول ... وتأبى الطباع خروج المغني

حكي عن أبي الحسين الجزار أنه جاء إلى باب الصاحب زين الدين بن الزبير فأذن للناس كلهم ولم يؤذن له فكتب في ورقة:

الناس قد دخلوا كالأير أجمعهم ... والعبد مثل الخصي ملقى على الباب

<<  <   >  >>