للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجد في تركته أربعمائة ألف مجلد سوى المجددات.

قالوا وكانت له خمسمائة قينة واتهم مع ذلك بعهر الخلوة الذي استهوته وقلة الجماع ومن طرائفه وأخبار فرط نجله ما حاكاه الوزير أبو الوليد بن زيدون عن ابن الباجي كاتب الرسائل. قال دعاني ابن عباس يوماً مع خواص من أصحابه إلى داره فطرنا إلى مجلس ما رأينا قط مثله في جلالة فرشه ومنوره وآلاته، وفواكهه وأنقاله وقد غطى جميع ذلك بمناديل تشف عما تحتها فأخذ يلاعبنا الشطرنج وكانت غالية عليه مالكة لقلبه فاستغرق فيها ولم يزل يلعب بها نهاره كله وبعض ليلته لا يرفع رأسه ولا يدعو لنا بطعام ولا غيره إلى أن سألناه الانصراف وأذن لنا فيه وانصرفنا إلى بيوتنا ولم نتناول شيئاً مما كان قد أعده لنا.

فصل في ذكر التاغيدي يوسف اليهودي: قال ابن بسام كان هذا يوسف يهودياً كافياً حسن السيرة تولى لباديس ولأبيه من قبله لغرناطة جباية المال وتدبير أكثر الأعمال. ونجم ولده إسماعيل غلاماً وصباً ومركباً وطياً وكان باديس مفتوناً بحب الغلمان فاصطفاه وتحظاه، وخلى بينه وبين الأموال وأنفذ أمره في الرجال وطغا وبغا تعرض إلى القدح في الملة والعبث بفقهاء القبيلة كالفقيه ابن حزم وغيره، وكانت اليهود تتشائم به وتخاف ما وقعت فيه بسببه ولما استقل، وكر منه ما قل كاتب ابن صمادح عدو باديس سلطانه بتسليمه المريه إليه وأمره ابن صمادح بالمال ودبر على صاحبه تدبيراً عثر عليه المسلمون منه فعاجلوه وقتلوه وقتل من اليهود ما ينيف عن أربعة آلاف نفس وكان قد تسمى بالتاغيد ومعناه المدبر.

[فصل في ذكر أبي القاسم محمد بن عباد المتغلب على اشبيلية]

قال كان واسع المال معدوداً من أفاضل الرجال، وملك ثلث اشبيلية ولم يزل يتدرج ويتوصل إلى أم ملكها وسار فيها سيرة ملوك الأندلس.

قال ابن حيان: ومن طرائف أخباره أنه انتهى إليه خبر الدعي المسمى بهشام بن الحكم، وكان قد تحدث الناس أنه أفلت من يد سليمان وتوجه إلى المشرق ثم عاد إلى الأندلس، وأنه إنما رجع لرجوع الدولة المروانية. وذكروا أنه ظهر بالمرية سنة ست وعشرين، فأخبر أنه حصل هشاماً عنده، وجمع من بقي باشبيلية من نساء القصر والخدم واعترف له أكبرهم، ووقفوا إلى عتبته, ووجد ابن عباد السبيل بذلك إلى تمام ما دربه من حرب ابن حمود وغيره، وحجبه عن أعين الناس. وكاتب عنه أخلص الرؤساء وشهد جماعة منهم بأن المشار إليه هو هشاماً نفسه. وكان لبعضهم أيضاً في ذلك غرض فحصلت اشبيلية لابن عباد وكان قاضياً يومئذ، وفي حديث طويل وخبر عريض أن ابن عباد رحمه الله، وجه ابنه إسماعيل مع عسكر إلى أرض العدو بتعاقده بينه وبين ابن الأفطس. فلما أوغل إسماعيل ببلده يريد أرض بلنسية وابن الأفطس يسر الغدر به، أخذ عليه المضيق وابن عباد لا يعلم بشيء من أمره وتدبيره. فلما حصل في الأنشوطة نجا بنفسه أعني إسماعيل وأسلم كل من كان معه من عسكر وغيره واصطلحه ابن الأفطس وكانت حادثة عظيمة شنيعة وجائحة قبيحة.

[فصل في أخبار المقتصد بالله]

عباد بن القاسم محمد بن عباد أفضى الأمر إليه في سنة ثلاث وثلاثين وتدبيره قال وكان شديد المراس، كثير التهور، وافتتح أمره بقتل وزير أبيه. قال أبو حيان ومات على فراشه بعلة أصابته واتقى الناس أمره في سنة أربع وستين.

فصل في أخبار المعتمد على الله

<<  <   >  >>