للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسرنا لقصد الشرق وجينا إلى بعلبك وخيمنا بمرج عدوسة أياما، وأحكمنا أسبابنا، وسببنا أحكاما، ورحلنا على حمص على طريق الزراعة ونزلنا على العاصي مذعنيين لله بالطاعة ورحل السلطان ووصل إلى حماة وكانت حماة للملك المظفر تقي الدين عمر وهو معه فأمره أن يرتب أمور ذلك الثغر ويتبعه فامتثل الأمر وما فارقه ونقل الأمراء ورافقه وسار فلما قرب من حلب تردد عزمه في المسير إليها والعبور عليها فما شعرنا إلا برسول مظفر الدين كوكبورى بن علي كوجك يشير بعبور الفرات وحضور تلك الولايات. وقال له: أنا مواليك والمعالي فيك وصديق صديقك ومعادي معاديك، وهذه البلاد لك وليس من النصح أن لا أدلك وأنا لديك وبين يديك، فإذا ملكت تلك الممالك، وسلكت تلك المسالك فحلب تبقى من ورائك وأنت بعد ذلك على أيثار عزمك ورأيك وإلا فحلب تشغلك عن الأمور ومهماتها والجزيرة وولاياتها، ولك المحبة العامة والمهابة التامة فإذا عبرت الفرات سلم لك الأقاليم أقاليدها، وجمعت لك طاعات العباد ناديدها، وما زلت شوقا إليك في حران حران وغلى الرق من ورد خدمتك ظمآن، وهي لك مبذولة وبأوليائك مأهولة. والرها لا تعتبر أمرها والرقة لرقك والخابور في انتظار خبرك، ودارا دارك ونصيبين (٢٠٨أ) نصيبك إذا ظهر استظهارك وملك الموصل يوصلك إلى الملك وما هذا أوان الونا وهل يقدم أحد على عيانك وأنا أنا ثم عبر مظفر الدين إلى بلدته عايدا وبنصرته واعدا وحليت صورة اجتهاده، وتليت سورة أحماده، ووصل البحر إلى الفرات وتبدل بالغنى فقر المقفرات، خيمنا على الفراي من غربي البيرة، وارتاعت العدى من عدوى سطواتنا المبيرة، ومد الجسر كما على الطريق السطر. وكانت البيرة قد طمع فيها صاحب ماردين واستولى على مواضع من أعمالها فلما سمع بنا تخلى ابن إلياس الأرتقي وشرعنا ف تهيئة أسباب العبور وبدأنا بنقل الأثقال على السفن ليحصل من مخاطرة الزحام على الأمن، وضرب كل منا خيمته بالجانب الشرقي يحول إليها رحله وأمددنا من معاقل الأرض بعدة من السفن.

والخلق كثير والجمع جم غفير فلما جزنا الفرات وجمعنا من الرجال والرحال الشتات تسلمنا البيرة والعمق كاتبنا أصحاب الأطراف بالوفود للوفاق والتحني عن مذهب الخلاف فإنه من جاء مسلما وللأمر مستسلما سلمت بلاده وصينت طرافه وتلاده على أنه من أجناد لغزو لبكفر وجهاده.

وعاد رسولنا من نور الدين محمد بن قرا أرسلان صاحب حمص كيفا يذكر أنه مذعن بالطاعة مؤذن بالتباعة واصل برجاله ورحاله وأشياعه وأشيائه وطلب عند وفائه بالعهد وقيامه بحسن البلاء أن يعان على صاحب آمد فإنه تجرد في عداوته وكان العاند العامد فشكره السلطان وأجاب سؤاله وأصاب سؤله ورد إليه مع رسوله رسوله.

<<  <   >  >>