للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد اختلف الرواة في عدد المعلقات وأصحابها. فمنهم من يجعلها سبعا، وأصحابها هم (امرؤ القيس وطرفة بن العبد وزهير بن أبي سلمى ولبيد بن ربيعة وعمرو بن كلثوم وعنترة بن شداد والحارث بن حلزة اليشكري) . وبعضهم ثمانية، ويضيف إلى أصحابها (النابغة الذبياني) وبعضهم يجعلها عشرة، ويضيف إليهم (الأعشى ميمونا وعبيد بن الأبرص) .

وعلى أنهم عشرة درجنا في كتابنا هذا.

[أشعر شعراء المعلقات]

ما برح الخلاف بين المتأدبين - قديما وحديثا - فيمن هو أشعر الشعراء في الجاهلية. ولهم في ذلك مذاهب. على أنهم اتفقوا أو كادوا على تقديم شعراء (المعلقات) . وذكروا أن أشعر هؤلاء ثلاثة، وهم (امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني) . قال أبو عبيدة: "أشعر الناس أهل الوبر خاصة، وهم امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى والنابغة. وفي الطبقة الثانية (الأعشى ولبيد وطرفة) ".

وقد اختلفوا فيمن هو أشعر الجميع. فقال (الفرزدق) : "امرؤ القيس أشعر الناس". وقال (ابن مقبل) : "طرفة أشعر الناس". وقال (ابن أحمر) : "زهير أشعر الناس". وقال (الكميت) : "عمرو بن كلثوم أشعر الناس" وقال (ذو الرمة) : "لبيد أشعر الناس". وقال (الأخطل) : "الأعشى أشعر الناس". والراجح ما قال (أبو عبيدة) : "امرؤ القيس ثم زهير والنابغة والأعشى ولبيد وعمرو بن كلثوم وطرفة".

وقد قالوا: "أشعر الشعراء أربعة: زهير إذا طرب، والنابغة إذا رهب، والأعشى إذا غضب، وعنترة إذا كلب، أي غضب".

وقالوا: "إن (امرأ القيس) صاحب النصيب الأوفر في الشعر، لأن الشعر في تعبيرهم كان جملا فنحر، فأخذ امرؤ القيس رأسه. وإن (زهيرا) يمتاز بأنه لا يعاظل بين كلامين، ولايتتبع وحشي الكلام، ولا يمدح أحدا بغير ما فيه. ولشعره ديباجة إن شئت قلت: "شهد إن مسسته ذاب". وإن النابغة أوضح الشعراء معنى، وأبعدهم غاية، وأكثرهم فائدة. وإن (الأعشى) أمدحهم للملوك، وأوصفهم للخمر، وأقدرهم شعرا، وأحسنهم قريضا. وإن (لبيدا) أقلهم لغوا. وإن (عمرو بن كلثوم) أعزهم نفسا، وأكثرهم امتناعا، وأجودهم واحدة. وإن (طرفة) أشعرهم: إذ بلغ - على حداثة سنه - ما بلغه القوم في طول أعمارهم".

قال (ابن عبد ربه) اختلف الناس في أشعر الشعراء. قال النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد ذكر عنده (امرؤ القيس بن حجر) : "هو قائدهم وحامل لوائهم". وقال (عمر بن الخطاب) للوفد الذين قدموا عليه من غطفان: من الذي يقول:

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مطلب

قالوا: هو نابغة بني (ذبيان) . قال لهم: فمن الذي يقول:

أتيتك عاريا خلقا ثيابي، ... على وجل، تظن بي الظنون

فألقيت الأمانة لم تخنها ... كذلك كان نوح لايخون

قالوا: هو (النابغة) . قال: "هو أشعر شعرائكم" وقال (عمرو بن العلاء) : طرفة أشعرهم واحدة. يعني قصيدته:

لخولة أطلال ببرقة ثهمد، ... تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

وفيها يقول:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

وأنشد للنبي (صلى الله عليه وسلم) هذا البيت، فقال: "هو من كلام النبوة".

[امرؤ القيس بن حجر]

توفي سنة (٨٠) قبل الهجرة. وقيل سنة (٥٦٥) لميلاد المسيح عليه السلام. والفرق بين الروايتين زهاء (٢٠) سنة هو (أبو وهب أو أبو الحارث أو أبو زيد، امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي) الشاعر المشهور من فحول شعراء الطبقة الأولى. ويتصل نسبه بملوك (كندة) وهم بطن من (كهلان) بن (سبأ) بن (يشجب) بن (يعرب) بن (قحطان) .

وأمه (فاطمة) بنت (ربيعة بن الحارث بن زهير) أخت (كليب) و (مهلهل) ابني (ربيعة) التغلبيين.

ويقال له الملك (الضليل) و (ذو القروح) .

[شيء عن قومه]

كان قومه يقيمون في (المشقر) من أرض (اليمامة) . ويقال: بل كانوا ينزلون في حصن (بالبحرين) ثم أجلوا عنه إلى (حضرموت) . وقد أقاموا هناك دهرا يتولون أعمال الدولة على عهد (التبابعة) الحميريين. وقد ضاع أكثر أخبارهم. وأقدم من عرفت أخباره (حجر آكل المرار) جد (امرئ القيس) صاحب المعلقة. وقد نزح (حجر) هذا إلى (نجد) ونزل (بطن عاقل) في أوائل القرن الخامس لميلاد المسيح عليه السلام.

<<  <   >  >>