للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صادفن منها غرة فأصبنها ... إن المنايا لا تطيش سهامها

باتت، وأسبل واكف من ديمة، ... يروي الخمائل دائما تسجامها

يعلو طريقة متنها متواتر، ... في ليلة كفر النجوم ظلامها

فبتلك (إذ رقص اللوامع بالضحى ... واجتاب أردية السراب إكامها)

أقضي اللبانة، لا أفرط ريبة، ... أو أن يلوم بحاجة لوامها

أولم تكن تدري نوار بأنني ... وصال عقد حبائل، جذامها؟

تراك أمكنة إذا لم أرضها، ... أو يعتقي بعض النفوس حمامها

بل أنت لا تدرين كم من ليلة ... طلق، لذيذ لهوها وندامها

قد بت سامرها، وغاية تاجر ... وافيت، إذ رفعت وعز مدامها

ولقد حميت الحي، تحمل شكتي ... فرط، وشاحي إذ غدوت لجامها

فعلوت مرتقيا على ذي هبوة، ... حرج إلى أعلامهن قتامها

حتى إذا ألقت يدا في كافر، ... وأجن عورات الثغور ظلامها

أسهلت، وانتصبت كجذع منيفة، ... جرداء، يحصر دونها جرامها

وكثيرة غرباؤها، مجهولة، ... ترجى نوافلها، ويخشى ذامها

أنكرت باطلها، وبؤت بحقها ... عندي، ولم يفخر على كرامها

إنا إذا التقت المجامع لم يزل ... منا لزاز عظيمة، جشامها

من معشر سنت لهم آباؤهم ... ولكل قوم سنة وإمامها

لا يطبعون، ولا يبور فعالهم: ... إذ لا يميل مع الهوى أحلامها

فاقنع بما قسم المليك، فإنما ... قسم الخلائق بيننا علامها

وإذا الأمانة قسمت في معشر ... أوفى بأوفر حظنا قسامها

فبنى لنا بيتا رفيعا سمكه، ... فسما إليه كهلها وغلامها

وهم السعاة إذا العشيرة أفظعت ... وهم فوارسها وهم حكامها

وهم ربيع للمجاور فيهم، ... والمرملات إذا تطاول عامها

[عمرو بن كلثوم]

توفي سنة (٦٠٠) م (٥٢) قبل الهجرة هو (عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن زهير التغلبي) من (تغلب بن وائل) ونتهي نسبة على (معد بن عدنان) . وأمه هي (ليلى) بنت (مهلهل) الذي هو أخو (كليب) المشهور.

وقد ساد (عمرو بن كلثوم) قومه وهو ابن خمسة عشر عاما. ومات وله من العمر مئة وخمسون سنة (١٥٠) .

وكان فارسا أبيا جريئا، حتى بلغ من أمره أن فتك بالطاغية (عمرو بن هند) في بلاط سلطانة. كما سيأتي تفصيل ذلك.

وكان له أخ يقال له (مرة بن كلثوم) وهو الذي قتل المنذر بن النعمان. وأخاه. وإياهما عني (الأخطل) بقوله:

أبني كليب، إن عمي اللذا ... قتلا الملوك، وفككا الأغلال

وقال (الفرزدق) يرد على (جرير) في هجائه (الأخطل) :

ماضر تغلب وائل؟ أهجوتها؟، ... أم بلت حيث تناطح البحران؟

قوم هم قتلوا ابن هند عنوة ... عمرا، وهم قسطوا على النعمان

وكان له ابن يقال له (عباد) وهو قاتل (بشر بن عمرو بن عدس) وكان (عمرو بن كلثوم) شجاعا مظفرا مقداما فتاكا. وبه يضرب المثل في الفتك، فيقال: أفتك من (عمرو بن كلثوم) ، لفتكه بعمرو بن هند.

وكان من حديث (عمرو بن كلثوم) أنه أغار على (بني تميم) . ثم مر من غزوه ذلك على حي من (بني قيس بن ثعلبة) ، فملأ يديه منهم، وأصاب أسارى وسبايا. وكان فيمن أصاب (أحمد بن جندل السعدي) . ثم انتهى إلى بني (حنيفة) باليمامة وفيهم أناس من (عجل) . فسمع به أهل (حجر) فكان أول من أتاه من بني حنيفة (بنو سحيم) عليهم (يزيد بن عمرو بن شمر) . فلما رآهم (عمرو بن كلثوم) ارتجز فقال:

من عاذ مني بعدها فلا اجتبر، ... ولا سقى الماء ولا أرعى الشجر

بنو لجيم وجعاسيس مضر ... بجانب الدو، يديهون العكر

فانتهى إليه (يزيد بن عمرو) فطعنه فصرعه عن فرسه وأسره.

وكان (يزيد) شديدا جسيما فشده في القد، وقال له: أنت الذي تقول؟:

متى تعقد قرينتنا بحبل ... تجذ الحبل أو تقص القرينا

أما إن سأقرنك إلى ناقتي هذه فأطردكما جميعا. فنادى (عمرو بن كلثوم) : "يا لربيعة، أمثلة؟ ". فاجتمعت فنهوه (ولم يكن يريد ذلك به) فسار به حتى أتى قصرا في (حجر) من قصورهم. وضرب عليه قبة ونحر له وكساه وحمله على نجيبه وسقاه الخمر فلما أخذت الخمر برأسه تغنى فقال:

أأجمع صحبتي السحر ارتحالا، ... ولم أشعر ببين منك هالا

<<  <   >  >>