للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذاك أغصان الربى ... قد قدها بقده

والطرف مذ فاق الظبى ... وقفن عند حده

فلفتة الظبي الأغن ... وفتكة الغصن الرطيب

بطل عنها البطل ... وما نجا منها نجيب

ما فاتني في فتنتي ... ما ينتفي عن الهوى

فالدمع خد وجنتي ... والوجد قلبي قد كوى

جمعت لي يا محنتي ... بين الصدود والنوى

يا سيدي لا فرق إن ... أعرضت عني أو تغيب

المقت لي والمقتل ... هما قريب من قريب

قلت له: يا سالبي ... قتل المحب مأثمه

جد بالوفا لراغب ... يطلب منك مرحمه

فقال: لا، بحاجب ... أراه نون العظمه

وسن تحريم الوهن ... لضبه المضنى الكئيب

فالدمع منك يهمل ... والقلب يصلى باللهيب

لام عذولي ولحا ... قلب المعنى الواله

أخجلني وما استحى ... وزاد في تعذاله

فقلت: قلبي ما صحا ... بل هو في ضلاله

وما أنا كمن كمن ... بل محضري مثل المغيب

فليعذروا أو يعذلوا ... أنا من السلوى سليب

يهزا بأعطاف القنا ... إن مال أو تأودا

وحده البادي السنا ... لألاؤه توقدا

العفو منه إن رنا ... فكم حسام جردا

بمقلة قد اقترن ... بنصلها نصر عجيب

فإنها ما ترسل ... سهامها إلا تصيب

وغادة مثل المها ... رأت فتى مثل القمر

قد اشتهت لو ضمها ... فصد عنها ونفر

قالت وقد تيمها ... إذ لم تجد من مصطبر

يامي أبصري ذا إلي سكن ... بجنبنا حسنو غريب

ويلاه على من قبلو ... أو كان لها منو نصيب

[-٥٢-]

ومما نظمته ولم أقصد به معارضة احد:

علي أضحى نوح الحمام ... إذا هتف

وفي أمسى بكا الغمام ... إذا ذرف

برح بي الوجد بل براني ... من السقام

وواصل السهد إذ جفاني ... طيب المنام

وراع قلبي من لا رعاني ... دون الأنام

هذا غريم من الغرام ... إذا رأف

قاد فؤادي بلا زمام ... إلى التلف

يا مانعي لذة الوصال ... لما احتجب

ومانحي ذلة الدلال ... بلا سبب

ميلك عني إلى الملال ... هو العجب

أما كفى لوعة الملام ... ممن جنف

وكلفة الوجد والهيام ... بعد الكلف

قال حبيبي، وذاك يكفي ... أهل العنا:

من أين للغصن مثل عطفي ... إذا انثنى

من أين للبدر مثل طرفي ... إذا رنا

يا خجلة الغصن من قوامي ... إذا انعطف

وحيرة البدر في التمام ... من الكلف

ومبسمي لؤلؤ ترقى ... في وصفه

منقح دره منقى ... في رصفه

ومذ حلا ريقه ورقا ... في رشفه

دب عذاري إلى التثامي ... فما رشف

وراعه الخد بالضرام ... حتى وقف

وغادة صبها تمالى ... في لمها

لما شفت داءه العضالا ... بضمها

أتى أبوها لها وقالا ... مثل أمها

والك قحيبه حتى تنامي ... مع ذا الطرف

لعب بعقلك هذا الحرامي ... شقف لقف

[-٥٣-]

ومن ذلك ما قلته أيضا:

أبصرت غزلان رامه ... فكان جيدك أعجب

وذقت كاس المدامه ... فكان ريقك أعذب

وأبصر البدر طرفي ... فكان وجهك أحسن

وباشر الخز كفي ... فكان لمسك ألين

ونظم العقد رصفي ... فكان ثغرك أتقن

وقد سمعت الحمامه ... فكنت أشجى وأطرب

وقد شممت الكمامه ... فكان عرفك أطيب

يا ساخرا بالبرايا ... وساحرا بالجفون

وباسما عن ثنايا ... كعقد در مصون

وباعثا لي بلايا ... لقيتها بعيوني

غادرت طرفي غمامه ... بعبرتي يتصبب

والقلب زدت غرامه ... من أجل ذا يتلهب

قوامك اللدن يخطو ... فيعتري الغصن خجله

ولحظك العضب يسطو ... فيكتسي الليث ذله

وفوق خدك نقط ... خال له الجور خله

فكيف أرجو سلامه ... وجيش حسنك أوكب

والشعر مد ظلامه ... وفيه رشدي تغب

قد لذ فيك جناسي ... بين النوى والنواح

<<  <   >  >>