للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجزاؤه كلها مطوية. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((سمى)) . فإن قلت: جرت عادته في الرمز للشواهد بأن يقتطع كلمةً فصاعدا من بيت الشاهد يشير بها إليه، وهنا اقتطع بعض كلمة فخالف عادته، قلت: إنما اقتطع في الحقيقة كلمةً ولكنه رخّم في غير النداء للضرورة، وقد مرّ له مثله في بحر الرمل. وبيت الخبل:

وبلدٍ متشابهٍ سمتهُ ... قطعهُ رجلٌ على جملهْ

أجزاؤه ما عدا العروض والضرب مخبولة. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((سمت)) . وبيت الخبن في العروض الثانية:

لمّا التقوا بسولافْ

فقوله: بسولافْ وزنه فعولانْ. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((سولاف)) وبيت الخبن في العروض الثالثة:

هل بالديار إنسُ

فقوله ((رإنسو)) وزنه فعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله الإنس. ((تنبيه)) حكوا للعروض الأولى ضرباً ثانياً مقطوعاً أنشد منه التبريزي وزعم أنه من الشعر القديم: ذاك وقد أذعرُ الوحوش بصلت الخدّ رحبٍ لبانهُ مجفرْ وأنشد منه الزجاج وقال إنه ليس بقديم:

ما هيّج الشوق من مطوَّقة قامت على بانةٍ تغنينا

قال ابن بري: وهذا الضرب مما استحسنه المحدثون وأكثروا منه لحسن اتساقه وعذوبة مساقه، حتى استعملوه غير مردوف، كقول ابن الرومي من قطعة:

لو كنت يومَ الوداع شاهدنا ... وهنّ يطفينَ لوعةَ لوجد

لم ترَ إلا دموع باكيةٍ ... تسفح من مقلةٍ على خدِّ

كأن تلك الدموع قطر ندىً ... يقطر من نرجسٍ على وردِ

[الخفيف]

أقول: قال الخليل سمي خفيفاً لأنه أخف السباعيات. وقيل لأن حركةَ الوتد المفروق فيه اتصلت بحركات الأسباب فخفتْ لتوالي لفظ ثلاثة أسباب، وهذا في الحقيقة ليس مغايراً لقول الخليل، بل هو كالتفسير له، والله اعلم. وهذا البحر مبني في الدائرة من ستة أجزاء على هذه الصورة: فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن، فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن قال:

كفيت جهاراً بالسِّخال الرَّدى فإن ... قدرنا تجد في أمرنا خطب ذي حمى

فلم يتغير يا عُميرُ وصالها ... جحا جحةٌ في حبلها علقوا معا

أقول الكاف من ((كفيت)) إشارة إلى أن هذا هو البحر الحادي عشر، والجيم من قوله ((جهارا)) إشارة إلى أن له ثلاث أعاريض، والهاء إ'شارة إلى أن له خمسة أضرب. فالعروض الأولى صحيحة لها ضربان الأول مثلها، وبيته:

حلّ أهلي ما بين دُرنا فبادو ... لي وحلَّت علويةً بالسخالِ

قوله ((نافبادو)) هو العروض، وقوله ((بسخالي)) هو الضرب، وزن كلّ منهما فاعلاتن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((بالسخال)) . والضرب الثاني محذوف، وبيته:

ليت شعري هلْ آتينهمْ ... أم يحولن من دون ذاك الَّدى

فقوله ((آتينهم)) هو العروض، وقوله ((كرردى)) هو الضرب، وزنه فاعلن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((الردى)) . العروض الثانية محذوفة ولها ضرب واحد مثلها وبيته:

إن قدرنا يوماً على عامرٍ ... ننتصفْ منه أو ندعه لكمْ

فقوله ((عامرنْ)) هو العروض، وقوله ((هو لكم)) هو الضرب، وزن كل منهما ((فاعلن)) . وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((فإن قدرنا)) . العروض الثالثة مجزوءة صحيحة لها ضربان الأول مثلها وبيته:

ليت شعري ماذا ترى ... أمُّ عمرو في أمرنا

فقوله ((ماذا ترى)) هو العروض وقوله ((في أمرنا)) هو الضرب، وزن كل منهما مستفعلن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله في أمرنا. الضرب الثاني مقصور مخبون وبيته:

كلّ خطبٍ إن لم تكو ... نوا غضبتم يسير

فقوله ((إن لم تكو)) هو العروض وقوله ((يسيرو)) هو الضرب، وزنه فعولن، وذلك لأن أصله مستفع لن فحذفت سينه بالخبن، وأُسقطت نونه وأُسكنت لامه بالقصر، فصار متفعلْ فنقل إلى فعولن. ومستفع لن هذه مفروقة الوتد كما تقدم، فمن هنا استبان لك دخول القصر فيها. وقد وقع لبعضهم التعبير هنا بالقطع وهو سهَوْ. وأشار الناظم إلى هذا الشاهد بقوله خطب. ويدخل هذا البحر من الزحاف الخبن وهو حسن، والكف وهو صالح، والشكل وهو قبيح، وفيه المعاقبة بين نون فاعلاتن وسين مستفع لن، وبين نون مستفع لن والف فاعلاتن بعده، فيتصور فيه الصدر والعجز والطّرفان، فالخبن في مستفع لن صدر، والكف فيه أو في فاعلاتن عجز، والشكل في مستفع لن أو فاعلاتن إذا وقع وسطاً طرفان. فبيت الخبن:

<<  <   >  >>