للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالم بالقراءات والإعراب، متفنن في سائر الآداب، وله شعر صالح؛ فمن شعره قوله:

يأيها المغرور ده ... رك كم تقيم على الغراره

إذ جمع شملك للشتا ... ت وربح مالك للخساره

وقوله أيضاًَ:

كتبت إليك مشتاقا ... كثير الوجد تواقا

سؤولاً داعيا لل ... هـ آصالاً وإشراقا

بأن تبقى على الأيا ... م للأقران سباقا

[٢٨- رزيق بن عبد الله الشاعر]

كان محارفاً، ولم يزل حرمانه-لضعف حظه- متضاعفا، بره بعض الرؤساء بدنانير وظن أنه يعفيه، فلما عاد إلى بيته وجد لصاً قد سرق جميع ما فيه، فقال:

محاني الله من ديوان سعده ... وأيأس راحتي من نيل رفده

إذا ما السعد أسعفني بشيء ... يقوم النحس محتسباً لرده

[٢٩- سليمان بن محمد الطرابنشي]

سافر إلى إفريقية، وانتقل إلى الأندلس وتوطنها، واتخذها لمخالطة ملوكها سكنا، ومن شعره قوله من قصيدة:

نبهته لما تغنى الحمام ... ومزق الفجر قميص الظلام

وقلت: قم يا بدر تم أدر ... في فلك اللهو شموس المدام

فقام نشوان وشمل الكرى ... له

بريع مقلتيه

التئام

ومج في الدن خلوقية ... عتقها في الدن طول المقام

لاحت تحاكي ذهبا خالصا ... دار من الدر عليها نظام

بنت عناقيد إذا خامرت ... شيخاً أعارته مجون الغلام

يا هل لعيشي معه أوبة ... تعيد في وجه حياتي ابتسام

وله من قصيدة:

أجر جفوني من دمعٍ ومن سهر ... وأضلعي من جوى فيهن مستعر

جرى علي بما شاء الهوى قدرٌ ... يا قوم ما حيلة الإنسان في القدر؟

ما كنت أحسب دمعي سافكاً لدمي ... حتى أبحت لعيني لذة النظر

رميت نبلاً أصابتني فلست أرى ... يوماً أعاود ذاك النزع في وتري

وله:

سبحان من صاغ الأنام بقدرة ... منه، وأفرد بالملاحة جعفر

حمل المحاسن كلها مجموعة ... في وجهه"كالصيد في جوف الفرا"

ومن شعره في صفة شمعة رومية:

ولا مسعد إلا مسامرة سخت ... بدمع ولم تفجع ببين ولا هجر

تكون، إذا ما حلت الستر حلة ... على أنها لم تبلغ الباع في القدر

إذا أيقنت بالموت بادرت رأسها ... بقطع فتستحيي جديداً من العمر

حكتني في لون وحزن وحرقةٍ ... وفي بهرٍ برحٍ وفي مدمع همر

ومنه:

ألا بأبي ساق سقاني مدامةً ... أثارت بقلبي كامناً من حريقه

لها فعل عينيه وحمرة خده ... ونكهة رياه ولذة ريقه

ومنه:

ووردية من بنات الكروم ... كساها النحول مرور الحقب

رأت أيدي الشرب من فضة ... فصاغت أنامهم من ذهب

ومنه:

الويح لي من طول لي ... ل كدت أنفذ قبل ينفذ

سامرت فيه كوكباً ... كمصابح الرهبان ركد

فكأنها درٌ تنا ... ثر فوق أرض من زبرجد

والبدر في وسط السما ... ء كدرهم في كف أسود

[٣٠- الوزير أبو الفضل طاهر بن محمد التغلبي [المعروف بابن الرقباني]]

لم يكن في زمانه أعلم منه بلغة العرب وكلامها، ونثرها ونظامها. وكان رئيساً مقدماً، جليلاً معظماً، وقصدته العلماء من كل مكان، فلقوا منه بحراً خضرما، وانتجعته الشعراء فوردوا قليباً [عيلما] . وله شعر كان يخفيه، منه:

ألا أيها القاضي الرفيع مناره ... ويا واطئاً مجداً مناط الكواكب

أغثني برأي منك يفرج كربتي ... وحل محسناً بيني وبين النوائب

وداركني نحس الزمان فنحه ... فما زلت قرناً للزمان المحارب

وعش سالماً للجود ترأب صدعه ... طوال الليالي منعماً غير سالب

ومنه:

رأى الناس فوق المجد مقدار مجدكم ... فقد سألوكم فوق ما كان يسأل

وإن أنتمو أنعمتمو وبذلتمو ... فقد يستتم النعمة المتفضل

وإن كنتمو أو ليتمونا بفضلكم ... جميلاً فإن العود بالفضل أفضل

وكم ملحفٍ قد نال منكم مراده ... ويمنعنا من أن نلح التجمل

ومنه:

كاتبت من أهواه مستعذباً ... لطول ما ألقاه من ظلمه

فوقع الماجن مستهزئاً ... يكشف في الديوان عن زعمه

وكان في الديوان ذو صبوة ... قد نالت الأسقام من جسمه

<<  <   >  >>