للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ مَا اعْتَرَضَ مِنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ تَمَامِ الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ يُجْعَلُ كَالْمُقْرَنِ بِحَالَةِ الْعَقْدِ.

٢٩٢٣ - وَإِنْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ النِّصْفَ، عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ النِّصْفَ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْحَرْبِيُّ ثُلُثَ مَالِهِ وَبَقِيَ السُّدُسُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فَقَدْ بَطَلَ الصُّلْحُ كُلُّهُ، وَعَلَى الْمُسْلِمِ رَدُّ مَا قَبَضَ فَيَكُونُ جَمِيعُ مَا لَهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ إلَى أَجَلِهِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ.

لِأَنَّ ذَاكَ مُبَادَلَةٌ ابْتِدَاءً مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَيَنْتَهِي حُكْمُهُ فِي مِقْدَارِ مَا وُجِدَ فِيهِ التَّقَابُضُ، وَهَذَا الصُّلْحُ لَيْسَ بِمُبَادَلَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّهُ يُعَجِّلُ لَهُ نِصْفَ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ النِّصْفَ فَلَا يَتِمُّ الصُّلْحُ حَتَّى يُوجَدَ كَمَالُ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَبْضُ النِّصْفِ الْبَاقِي بِكَمَالِهِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ حَتَّى أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بَطَلَ الصُّلْحُ كُلُّهُ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَيْنِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَالٌ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ صَاحِبُ الْمَالِ نِصْفَ الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ الْيَوْمَ، ثُمَّ عَجَّلَ لَهُ الْيَوْمَ بَعْضَ مَا بَقِيَ دُونَ الْبَعْضِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ بَطَلَ الصُّلْحُ كُلُّهُ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِجَمِيعِ حَقِّهِ.

لِأَنَّ إبْرَاءَهُ إيَّاهُ عَنْ الْبَعْضِ كَانَ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ مَا بَقِيَ مِنْهُ فِي الْيَوْمِ، فَإِذَا لَمْ يَتِمَّ الشَّرْطُ بَطَلَ الْإِبْرَاءُ، وَكَانَ جَمِيعُ مَا لَهُ عَلَيْهِ بِحَالِهِ، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

<<  <   >  >>