للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِذَا أُسِرَ الْأَسِيرُ وَابْنُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادُوا قَتْلَهُمَا فَقَالَ الْأَبُ: قَدِّمُوا ابْنِي بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى أَحْتَسِبَهُ فَهُوَ آثِمٌ، فِي مَقَالَتِهِ، فَعَلُوا ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلُوا.

لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَلَوْ قَالَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحْتَسِبَ ابْنِي فَلَا تَقْتُلُونِي قَبْلَهُ، رَجَوْت أَلَّا يَأْثَمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْأَمْرِ بِقَتْلِهِ وَلَا بِقَتْلِ ابْنِهِ.

٢٩٤٠ - وَلَوْ كَانَ الِابْنُ هُوَ الْقَائِلُ، اُقْتُلُونِي قَبْلَ قَتْلِ أَبِي كَانَ آثِمًا، وَلَوْ قَالَ: لَا تَقْتُلُوا أَبِي قَبْلِي فَإِنِّي أَخَافُ أَنِّي أَجْزَعُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي هَذَا إثْمٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادُوا ضَرْبَهُ أَوْ ضَرْبَ ابْنِهِ بِالسَّيْفِ فَقَالَ: اشْحَذُوا سَيْفَكُمْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا بِذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ: اشْحَذُوهُ ثُمَّ اُقْتُلُونِي بِهِ كَانَ آثِمًا.

لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّحْذِ لَيْسَ فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمَعْصِيَةِ شَيْءٌ، لَوْلَا مَا أَرَادُوا مِنْ مَعْنَى الْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ، وَذَلِكَ فِي قَصْدِهِمْ لَا فِي لَفْظِهِ، فَأَمَّا فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ اُقْتُلُونِي تَصْرِيحٌ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْصِيَةِ، وَذَلِكَ لَا رُخْصَةَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>