للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَأْخُوذِ لَا يَتَأَكَّدُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ، وَالْإِحْرَازُ فِيهِ وُجِدَ مِنْ الْعَسْكَرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

٣٢٣٣ - وَإِنْ قَالَ الْعِلْجُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ الثَّانِي: لَا سَبِيلَ لَكُمْ عَلَيَّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَكُمْ فُلَانًا قَدْ أَمَّنَنِي وَأَطْلَقَنِي، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَ مَأْمَنَهُ، وَانْتَهَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْأَمَانِ مِنْ الَّذِي كَانَ أَخَذَهُ أَوَّلًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمِيرَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ فَادَاهُ أُسَرَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَأَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ أَوْ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمَالٍ وَخَلَّى سَبِيلَهُ حَتَّى عَادَ إلَى مَأْمَنِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ فَيْئًا؟

وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَمِيرَ إنَّمَا صَالَحَهُ بِالْمُفَادَاةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ آمِنًا حَتَّى يَصِلَ إلَى مَأْمَنِهِ، لَا عَلَى أَنْ يَكُونَ آمِنًا فِي بِلَادِهِ، فَمَا لَمْ يَصِلْ إلَى بِلَادِهِ فَهُوَ فِي أَمَانٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا بَعْدَ مَا بَلَغَ مَأْمَنَهُ فَلَا أَمَانَ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ فَأَخَذُوهُ، فَالْأَمِيرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَمَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُفَادَاةِ الْأَسِيرِ بِالْمَالِ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ فَيْئًا وَرَدَّ الدَّنَانِيرَ عَلَى أَهْلِ الْحِصْنِ، الَّذِينَ أُخِذَتْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَأْمَنَهُ فَحَالُهُ فِي مَعْنَى حَالِهِ فِي وَقْتِ الصُّلْحِ، وَلَوْ عِلْمَ الْإِمَامُ بِحَالِهِ وَقْتَ الصُّلْحِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِ، كَمَا بَيَّنَّا فَهَذَا مِثْلُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

<<  <   >  >>