للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّ عَلَيْهِمَا السَّلَامَ. ثُمَّ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُمَا تَكَلَّمَا فِي الْقَدَرِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَسَنَاتُ مِنْ اللَّهِ وَالسَّيِّئَاتُ مِنَّا. وَقَالَ عُمَرُ: الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ كُلُّهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. فَاتَّبَعَ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ أَبَا بَكْرٍ وَطَائِفَةٌ عُمَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَأَقْضِي بَيْنَكُمَا بِمَا قَضَى بِهِ إسْرَافِيلُ بَيْنَ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ. فَإِنَّ جَبْرَائِيلَ قَالَ مِثْلَ مَا قُلْت يَا عُمَرُ، وَمِيكَائِيلُ قَالَ مِثْلَ مَا قُلْت يَا أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَا: إنَّا إذَا اخْتَلَفْنَا اخْتَلَفَ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ السَّمَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْأَرْضِ فَلْنَتَحَاكَمْ إلَى إسْرَافِيلَ. فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَدَرَ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَذَا قَضَائِي بَيْنَكُمَا. يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إبْلِيسَ» . فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ لِأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ. وَلَا يَظُنُّ بِمِيكَائِيلَ وَأَبِي بَكْرٍ، بِمَا نَفَيَا تَقْدِيرَ الشَّرِّ مِنْ اللَّهِ، إلَّا خَيْرًا، لِأَنَّ طَالِبَ الصَّوَابِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ رَأْيُهُ جَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ.

<<  <   >  >>