للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي هَذَا أَشَارَ إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِي اعْتِبَارِ عَيْنِ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى. وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُمْ فِي اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ، (أَلَا تَرَى) أَنَّهُمْ لَوْ صَالَحُوهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُمْ عَلَى أَلَّا يُقَاتِلُوهُمْ شَهْرًا أَوْ عَلَى [أَنْ يَذْهَبُوا] فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ شَهْرًا فَلَمَّا كَانُوا عَلَى مَسِيرَةِ أَيَّامٍ أَقَامُوا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ شَهْرًا، ثُمَّ أَغَارُوا عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ بَعْدَ أَنْ يَصِلُوا إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْآخَرَ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَحَالُهُمْ كَحَالِ مَا لَوْ كَانُوا فِي الْمَدِينَةِ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْهُمْ بَعْدُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كَرِهْنَا فِيهِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ، فَكَذَلِكَ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ.

لِأَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ مِنْ جِهَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالصُّلْحِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمْ، وَأَمَانُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ نَافِذٌ فِي حَقِّ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ ذِمَّتِهِمْ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ لِأَهْلِ الْمَدِينَة أَنْ يَكُرُّوا عَلَيْهِمْ فَيُقَاتِلُوهُمْ مِنْ غَيْرِ نَبْذٍ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ بِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمُرَجِّعُ وَالْمَآبُ.

<<  <   >  >>