للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقُتِلُوا عِنْدَ مَوْضِعِ دَارِ ابْنِ أَبِي الْجَهْمِ. فَسَالَتْ دِمَاؤُهُمْ حَتَّى بَلَغَ أَحْجَارَ الزَّيْتِ.

وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ عَدَدَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ.

فَأَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا سَبْعَ مِائَةِ رَجُلٍ مِنْهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: قَتَلُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ. وَكَانَ عَدَدُ السَّبْيِ سِتَّ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ. فَكَانَ كُلُّ مَنْ يُشَكُّ فِي أَمْرِهِ يُكْشَفُ عَنْ عَانَتِهِ، عَلَى مَا قَالَ عَطِيَّةُ الْقُرَظِيّ: شَكُّوا فِي أَمْرِي يَوْمَئِذٍ فَكَشَفُوا عَنْ عَانَتِي، فَإِذَا أَنَا لَمْ أَنْبُتْ، فَجَعَلُونِي (ص ١٩٨) فِي الذُّرِّيَّةِ.

وَذُكِرَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ اُقْتُلُوا مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى، وَلَا تَسْبُوا إلَيْنَا مِنْ الْعُلُوجِ أَحَدًا.

وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَا يَقْصِدُوهُمْ بِسُوءٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ حِينَ لَمْ يُبَالِغُوا فِي مُرَاعَاةِ نَهْيِهِ اُبْتُلِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا وَكَانَ مَجُوسِيًّا؟ .

وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «عُرِضْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَدَّنِي ثُمَّ عُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَبِلَنِي فِي الْمُقَاتِلَةِ» .

وَإِنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِي الْبُلُوغِ بِنَبَاتِ الْعَانَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَلَامَةُ بِالِاحْتِلَامِ، أَوْ بِأَنْ يَتِمَّ لَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً فِي رِوَايَةٍ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي رِوَايَةٍ. وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.

تَمَّ أَبْوَابُ الْأَمَانِ بِحَمْدِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ آمَنَنَا اللَّهُ مِنْ النَّارِ وَأَسْكَنَنَا دَارَ الْقَرَارِ.

<<  <   >  >>