للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ هَذَا كَانَ مِنْ الْإِمَامِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْجَارِ، وَلَكِنَّهُ إجَازَةٌ فَاسِدَةٌ. فَإِنَّ مِقْدَارَ الْعَمَلِ كَانَ مَجْهُولًا، لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ حِينَ اسْتَأْجَرَهُ. وَالْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ إقَامَتِهِ الْعَمَلَ، وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ مَا يُسَمَّى لَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْمُسَمَّى. وَإِنَّمَا يُعْطِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْغَنِيمَةِ، لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنَّ مَقْصُودَهُ أَنْ يَنْصِبَ رَأْسَهُ لِتَنْكَسِرَ قُلُوبُهُمْ فَلَا يَكُرُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَدُلَّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ يَسُوقَ الْغَنَمَ أَوْ الرَّمَكَ، أَوْ لِيَحْمِلَ الْأَمْتِعَةَ، وَيُعْطِيَهُ ذَلِكَ مِمَّا غَنِمُوا قَبْلَ هَذَا، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَجْرِ لَا عَلَى وَجْهِ النَّفْلِ. وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ، فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَنَائِمِهِمْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ فَصَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (ص ٢٤١) . .

<<  <   >  >>