للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٦٠٥ - وَلَوْ أَنَّ وَالِيًا جَعَلَ لِهَؤُلَاءِ السَّهْمِ كَمَا لِلْمُسْلِمِينَ نَفَذَ حُكْمُهُ، حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى وَالٍ آخَرَ يَرَى خِلَافَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمْضِيَ ذَلِكَ الْحُكْمَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ. لِأَنَّهُ أَمْضَى الْحُكْمَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ بِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ نَافِذٌ بِالْإِجْمَاعِ فَفِي إبْطَالِهِ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.

- وَلَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُهُ غَازٍ فَيَخْدُمُهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَلَى خُرُوجِهِ مَالًا فَلَا يَسْتَوْجِبُ لِهَذَا الْخُرُوجِ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ، فَلَمَّا طَلَبَ سَهْمَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذِهِ الدَّنَانِيرُ حَظُّك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» .

وَعَنْ عِكْرِمَةَ «أَنَّ أَجِيرًا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةٍ فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ شَيْئًا» .

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ.

وَتَأْوِيلُ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَاتَلَ وَتَرَكَ الْعَمَلَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَيَسْتَحِقُّ السَّهْمَ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فَلَا يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ، وَحَالُهُ كَحَالِ التَّاجِرِ فِي الْعَسْكَرِ: إنْ قَاتَلَ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ لَا يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>