للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنَّ الْوَالِيَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] .

ثُمَّ قَالَ: وَلَا عُشْرَ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا عَلَى صَاحِبِ ذِمَّةٍ، إنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ إذَا اسْتَأْذَنُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي أَرْضِنَا.

وَفِي هَذَا نَظَرٌ، فَقَدْ اشْتَهَرَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَمَرَ عُمَّالَهُ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ. فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ الْعُشْرُ الْكَامِلُ فِي أَمْوَالِ التِّجَارَةِ إذَا مَرُّوا بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ خَاصَّةً. فَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَعَلَيْهِمْ نِصْفُ الْعُشْرِ.

١٩١٩ - وَذُكِرَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أَيُّمَا مَدِينَةٍ فُتِحَتْ فَأَسْلَمَ أَهْلُهَا قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ فَهُمْ أَحْرَارٌ.

وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانُوا مُرْتَدِّينَ أَوْ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ كَانَ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَدَعَهُمْ فِي أَرْضِهِمْ يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ. فَأَمَّا إذَا رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَقْسِمَهُمْ وَأَرْضَهُمْ فَهُمْ عَبِيدٌ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا بَعْدَ تَمَامِ الْقَهْرِ، وَذَلِكَ يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ الْقَتْلِ وَلَا يُبْطِلُ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ عَنْ رِقَابِهِمْ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <   >  >>