للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل شيء لخدمته وإشباع رغبته، فأرهقت الجموع نفسها ولم تنتهِ رغباته وكان لا بد للعقلاء أن يبحثوا عن الخلاص كان لابد أن يتسائلوا ما سر الخواء الروحى والأمراض العصبية والنفسية التي تعيش فيها الجموع؟

ألسنا حينما نوجه نشاطنا نحو غاية واحدة محددة فسوف نجعل وظائفنا العقلية والعضوية كاملة التناسق، لأن توحيد الرغبات وتوجيه العقل نحو غاية واحدة ينتج ضربا من السلام الداخلى " الكسيس كاريل ".

هكذا أدرك العقلاء من الجموع أن جهودهم لخدمة هذا الحارث قد مزقتهم داخليا وجعلت أمرهم فُرُطا: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)

ويقال هذا العنب فرطا إذا تفرقت حباته، والمسبحة للفرط هى التي قطع خيطها، والإنسان يصبح فرطا إذا توزع نفسياً وتمزقت اتجاهاته.

أجمع العقلاء على ضرورة الاتصال بالأميرة فساحتها هى المخرج الوحيد من سجن المادة، والطريق الأوحد للفرار من سياط الخادم.

وقبل أن أتكلم عن الأميرة وطاقاتها، يحسن أن أقول:

إنَّ الأميرة هى الروح، وخادمها هو الجسد وطاقات الروح لا حدود لها ولكن الحديث عنها لا يقوى كل قارئ على تصوره وتصديقه، والذى لم يأكل المانجو لو قرأ كتب الدنيا عنها فلن يتذوق طعمها، إن من ذاق عرف من خاض تجربة روحية واحدة فسوف يكف عن لوم المحبين.

إن هذه الصفحات من الكتاب يمكن أن أقول عنها للكبار فقط، فليس كل الناس يقوى على تصديقها والتكذيب بها لا يضر من كذَّب - بتشديد الذال - كنت في زيارة للأستاذ الدكتور أحمد عبد الستار الجواري وزير التربية والتعليم السابق بالعراق، فتجاذبنا أطراف الحديث عن الروح فقال لى: ذرت قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد رسمى وكان قائد الطائرة يرافقنا وكان شابًّا ملحدا، وعضوا في الحزب الشيوعى العراقى وفجأة رأيناه يسقط على الأرض أمام

<<  <   >  >>