للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه المناقب ليست كالكثير من كتب المناقب التي تكون لغتها سقيمة ثم تكتب في جوانب لا تفيد الكثير من حياة صاحبها بل هي لغة سامية صحيحة التركيب والتعبير مع كونها معرفة بالمترجم له وهو الشيخ محرز بن خلف وذاكرة من مناقبه ما يدل على علمه وأخلاقه وإخلاصه وتأثيره على مخاطبيه، وهي خالية من المبالغات التي يعتني بها أصحاب كتب المناقب فلا تجد فيها شيئاً من ذلك.

?تسمية المساجد

لم يسم مسجد تونس باسم جامع الزيتونة لأن المتعارف في تسمية المساجد أن تكون إما باسم البلد كما يقال مسجد الكوفة أو مسجد البصرة أو باسم مؤسسه كمسجد عقبة بالقيروان، وغنما لما تعددت المساجد في البلد الواحد اضطروا إلى تسميتها باسم خاص بسبب اتساع العمران وانتشار السكان لأجل التفرقة بين المساجد.

وهو القريب في مسجد تونس فإنه لما كان منفرداً أطلقوا عليه المسجد الجامع بتونس فحين أحدث مسجد القصبة الذي تم بناؤه سنة (٦٣٣) وكان يعرف بمسجد قصبة تونس أو مسجد الموحدين سمي حينذاك بجامع الزيتونة.

التسمية ب?"جامع الزيتونة": ولم يشتهر جامع الزيتونة بهذا الاسم في القرون الولى وقصارى ما وقفنا عليه انه اشتهر بأنه جامع الزيتونة في أوائل العصر الحفصي وهو القرن السابع وفي طالعة ما وقفنا عليه (صلة السمط وصلة المرط) لابن الشباط التوزري فإنه يذكره باسم جامع الزيتونة ويعلل التسمية بما ننقله: وسمعت من يقول: إن المسلمين وجدوا بها أي تونس زيتونة، وأرى أنها التي يضاف إليها الجامع، فيقال: (جامع الزيتونة) .

فلما رأوا تلك الزيتونة قالوا: أو قال بعضهم لبعض: إن هذه الزيتونة تونس، فسميت المدينة بذلك (صلة السمط ج?٣ الورقة ١١٢ وجهاً) .

وجاءت تسمية جامع تونس بجامع الزيتونة في رحلة العبدري وكان ذلك سنة (٦٨٨) حين تكلم على الحنايا المجلوب عليها الماء إلى تونس.

وأما الساقية المجلوبة من ناحية زغوان فقد استأثر بها قصر السلطان وجنانه إلا رشحاً يسيراً سرب إلى ساقية جامع الزيتونة يرتشف منها في أنابيب من رصاص، ويستقي منها الغرباء ومن ليس في داره ماء ويكثر عليها ازدحام (رحلة العبدري ص٤٠) .

ومن هذا التاريخ وهو القرن السابع إلى عصرنا الحاضر يذكر المسجد الجامع بتونس باسم جامع الزيتونة فلا تكاد تقف على تاريخ لتونس إلا تجده ذكوراً بذلك.

ومن تلك التواريخ تاريخ ابن القنفذ القسنطيني في كتابه الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية المتوفى سنة (٨٠٩) على التحقيق، في مواضع من كتابه منها ما جاء حين حديثه على السقاية المستنصرية.

وفي هذه السنة سنة (٦٤٨) بنيت السقاية بشرقي جامع الزيتونة (ص١١٧) .

وذكره باسم جامع الزيتونة عندما تحدث على وفاة أحد أئمته: وفي شهر ربيع الأول الشريف المبارك من عام أحد وسبعمائة (٧٠١) توفي الشيخ الفقيه الخطيب الصالح أبو مروان عبد الملك بن الغرغار خطيب جامع الزيتونة (الفارسية ص١٥٣) .

واستمر على تسمية المسجد الجامع بتونس بجامع الزيتونة غير واحد منهم ابن الشماع أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الهنتاتي وكان حياً سنة (٨٦١) .

فقد ذكر السقاية التي أحدثها المستنصر بالله الحفصي وبين أنها بشرقي جامع الزيتونة.

واستمرت التسمية على انه جامع الزيتونة فلا يعرف بغير ذلك سواء في التواريخ أو في غيرها.

والقريب في وجه هذه التسمية أنه ربما يكون راجعاً إلى أن البلاد التونسية اشتهرت بزياتينها فتبرك الناس بتسمية مسجدهم بمسجد الزيتونة.

أو أنه عرف بجامع اليزتونة في القرن السابع بدون أن يعرف وجه للتسمية يستند لشيء ثابت معروف ولذلك التمس ابن الشباط في وجه التسمية ما تقدم.

@القسم الثاني في التعريف بالمفاتي الحنفية أعلم أن مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه كان أظهر المذاهب بإفريقية إلى أواسط المائة الخامسة فتناقص واستمر على تناقص رجال الدين الحنفي الزكي إلى دخول الدولة التركية في سنة ٩٨١ إحدى وثمانين وتسعمائة وإلى العهد لم يكن بالديار التونسية مفت حنفي.

١

<<  <   >  >>