للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد سبق في صدر المقدمة أن المملكة التونسية في وسط القرن السادس أتت عليهما سنون كانت أكثر جهات المملكة فيها فوضى إذ لا حاكم لها (واختلف الحال على تونس حتى أن أهلها لما خافوا فوضاهم استقدموا قاضيهم أبا محمد عبد المنعم ابن الإمام أبي الحسن لتدبير أمرهم وهو الذي أشار عليهم بمحمد بن زياد وبعد أن خرج أتى عليها عبد الله الخراساني وهو الذي قتل قاضيها يومئذ أبا الفضل جعفر بن حلوان) إلى أن غزاها الخليفة عبد المؤمن بن علي في سنة الأخماس أعني سنة ٥٥٥ خمس وخمسين وخمسمائة.

[٤- وكان قاضي تونس يومئذ هو الشيخ علي بن أحمد الأبي وهو الذي أنشد]

[البسيط]

ولي الشباب أمام الشيب منهزماً ... فذا يصول وذا يشتد في الهرب

ثم إن حفيده الناصر استخلف عليها عبد الواحد بن أبي حفص بتونس عاملاً له وذلك مبدأ استقرار الدولة بتونس إلى أن استقل بملكها ابنه أبو زكرياء يحيى يوم الأربعاء السادس من رجب الأصب سنة ٦٢٥ خمس وعشرين وستمائة، فكان ذلك مبدأ استقرار الدولة التونسية.

وكان القاضي يومئذ محمد بن زيادة الله فهو قاضي إفريقيا بتونس لاستقرار الدولة بها وهنا نذكر هؤلاء القضاة من فحول المالكية الذين كانوا في مبدإ استقلال دولة بني أبي حفص بالاقتصار على تاريخ ولايتهم ووفياتهم خاصة، وفي تاريخ البلاد من مفاخر فضلائهم وأخبارهم ما لا تفي به المسامرات فنقول مستعيناً بالله:

[٥-الشيخ محمد بن زيادة الله]

كان قاضياً بتونس حين استقلال أبي زكرياء يحيى في شهر رجب غير أنه عزله في الموفي ثلاثين من شهر رمضان المعظم سنة ٦٢٥ خمس وعشرين وستمائة.

[٦-الشيخ أبو القاسم المريش]

ولي القضاء بتونس بعد عزل ابن زيادة الله ولازم الخطة إلى أن تأخر سنة ٦٤٠ أربعين وستمائة.

[٧-الشيخ عبد الرحمن بن عمر بن نفيس]

تقدم للقضاء عند تأخر المريش، ولازم القضاء، وتأخر في صفر سنة ٦٤٦ ست وأربعين وستمائة، وكانت وفاته سنة ٦٨٢ اثنتين وثمانين وستمائة عليه رحمة الله.

[٨-الشيخ عبد الرحمن بن علي بن الصائغ التوزري]

قُضِّي بتونس من بعد عزل ابن نفيس وتأخر سنة ٦٥٧ سبع وخمسين وستمائة وكانت وفاته سنة ٦٥٩ تسع وخمسين وستمائة عليه رحمة الله.

[٩-الشيخ أبو القاسم بن علي بن عبد العزيز بن المهدوي التنوخي]

لما عزل ابن الصايغ تقدم عوضه لقضاء تونس وتأخر سنة ٥٨ ثمان وخمسين، ولازم الإفتاء إلى أن توفي سنة ٦٧٧ سبع وسبعين وستمائة رحمه الله.

[١٠-الشيخ عمران بن معمر الطرابلسي]

قد ولي القضاء أولاً ببلده ومنها نقل إلى القضاء بتونس عند عزل ابن البراء فقضى سنتين إلى أن توفي عاشر ربيع الثاني سنة٦٦٠ ستين وستمائة عليه رحمة الله آمين.

[الروض الذي عوابق أفنائه مذاعه فيمن ولي بتونس خطة قضاء الجماعة]

قد سبق اجمال استقلال دولة بني أبي حفص بتونس، ولما استحكم أمرهم أمكنهم الارتقاء إلى السلطنة فصارت تونس قاعدة خلافة الاسلام على عهد محمد المستنصر الحفصي، وخطب باسمه في مكة المشرفة وحاضرة فاس وتلقب بأمير المؤمنين سنة ٦٥٧ سبع وخمسين وستمائة.

وبعد ذلك اعتنى بخطة القضاء بتونس فجعل أربعاً من القضاة قاضي الأهلة وقاضي الأنكحة وقاضي المعاملات، وقاضي الجماعة وهو بمنزلة قاضي القضاة بالمشرق وهو الذي بيده مقاليد القضاء بحاضرة تونس ولذلك سمي قاضي الحضرة، وإذا أطلق لفظ القاضي إنما ينصرف إليه وغيره إنما يقال مضافاً إلى الأهلة والأنكحة والمعاملات وقاضي الجماعة هو قاضي الحضرة وقلما ترك بنو ابي أحفص واحداً في قضاة الحضرة أكثر من عامين.

وذكر الزركشي أن ذلك منهم عمل بوصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومع ذلك جعلوا يوم الخميس لاجتماع القاضي مع العلماء في مجالسهم للمفاوضة في النوازل الشرعية وتنفيذ الأحكام في النوازل الغامضة بين يدي الأمير، وفي باقي أيام الأسبوع يتصرف القاضي وحده في الحكم وكان أول من تقلد خطة قضاء الجماعة ابن الخباز.

ثم باعتناء بني أبي حفص بالعلم وأهله صارت تونس روضة من رياض العلوم وخرجت منها فحول من أعلام المالكية الحافظين للمذهب ذوو فضل وورع ودين.

نذكر هنا قضاتهم على حسب شرطنا وفي تواريخ البلاد من أخبارهم ما هو مشهور وبكل لسان مشكور.

<<  <   >  >>