للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن كنت أره من ذهاب شبيبتي ... شعراً يلوح براس شعري أشيبا

فالآن ليس يسؤوني إن فاتني ... سن النجابة حيث أدعى منجبا

دم يا محمد في المعارف راقياً ... ثبتا مفيداً للأنام مهذبا

فبقلب تصحيف اسم نسبة بيتكم ... لا زال ركنا ثبت تونس مجتبى

تبه خادم العلم وأهله سالم بو حاجب في ١٤ جمادى الأولى سنة ١٢٩٢.

وناهيك بما تضمنه هذا المكتوب بما لاح على أبدع أسلوب وكأن العبارات لا تطيق شرح مزاياه، التي يجتلي من مراياه لا سيما القلب والتصحيف، الذي ارتكبه آخراً على الوجه المنيف، حتى صير سنوسي ثبت تونس، وهذا من بدائع المعاني التي هو لها خير مونس، وهذا المعنى إنساني به ما يعجب من التصحيف، الذي استعمله في لقبي المذكور، المقدس الشيخ سيدي محمود قابادو الشريف حيث ألغز لي بهذا الشعر النبيه، وهو قوله: [السريع]

تبينوا بيتي ففي تاجه ... فريدةٌ تزهى بها الطرَّه

والفرقدان تحت أقدامه ... فهو لجبهات العلا غرّهْ

وقد أجاب عنه العالم الشاعر الشيخ الحاج محمد طريفة المفتي بصفاقس فقال: [السريع]

نعم تبينا لغزك قد ... أبان ما يبدي لنا بشره

فلم يكن إلا سنوسيّ إذ ... معارف قد ملأت صدره

لكن تعجبنا لبيتك مع ... صغرٍ به كيف احتوى بحره

فعنى بالفريدة نقطة النون، وبالطره سينه الأولى، وجعل نقطتي يائه فرقدين تحت القدمين ليزيده إيضاحاً وشمولاً. نسأل الله أن يرحم السلف ويبقي الخلف، إنه ولي ذلك وهو حسبي ونعم الوكيل.

وكانت نهاية هاته العجالة في رجب الأصب سنة ١٢٩٢ اثنتين وتسعين مائتين وألف، على يد مؤلفها الفقير إلى ربه تعالى عبده محمد السنوسي خادم العلم الشريف أخذ الله بيده. آمين,

[الرائد التونسي]

هو صحيفة عربية تنشر كل أسبوع يوم الأربعاء عل لسان الدولة تتضمن الأخبار السياسية على وجه لا أذية فيه لإحدى الدول والأشخاص إلا أن يكون محكوماً علي من قبل الدولة، وقد نشر هذه الصحيفة في المملكة التونسية المشير الثالث محمد الصادق باشا باي في أوائل دولته سنة ١٢٧٧ سبع وسبعين ومائتين وألف. وأول من تولى خطة إنشائها الشيخ محمود قابادو الشريف ثم تناقلتها الأيدي إلى أفضت تلك الخطة إلى العبد الضعيف أوائل شعبان الأكرم سنة ١٢٩٣ ثلاث وتسعين ومائتين وألف. وقد التزمت فيها إنشاء فصول في التربية والتهذيب جعلتها مقدمة لكل عدد زيادة على ما يعرض من الأدبيات، وقد حسم موقع جميع ذلك عند أرباب الصحف وتناقله بعضهم ووصلني من بعضهم مكاتيب خصوصية تتضمن تقريظ ذلك الصنيع.

وأول من كاتبني في هذا الموضوع مهنياً بمباشرة خطة إنشاء الرائد هو أستاذي العالم الشيخ سيدي سالم بو حاجب وهذا نصه ما كاتبني به: الجهبذ اللوذعي، النحرير اليلمعي، ودودنا وخدننأن وإن شئت قلت ابننأن الشيخ سيدي محمد السنوسي أدام الله حفظه، وصل بعين العناية لحظه، أما بعد السلام الأتم فقد حظيت بمكتوبكم المؤرخ بالأسبوع الماضي، وسرني كثيراً مال تضمنه من إحالة إنشاء الرائد إلى أفكاركم السليمة، وقريحتكم التي لا تزال تهطل على حدائق المهارق ديمة، فالآن يحق على الرائد أن يصدق قومه، ويقدم على الأمس يومه، ويوردهم من المناهل الأدبية أعذبهأن ومن المراتع الأنسية والفواكه التونسية أخصها وأطيبهأن فالله يتولى عونكم على إنارة وجو الإعلام، وصونكم من مزالق أقدام الأقلام، والسلام، ولم يتيسر لي مكاتبته بعد ذلك إلا بعد مضي مدة.

فكاتبت جنابه بما نصه: [الوافر]

أدير عليك مترعة الكؤوس ... بخمر منه إحياء النفوس

ومل تلك التي قد عتقوها ... قرونا وهي في بيت المجوس

ولكن هذه خمر حلال ... بوصل تحية النجل السنوسي

حياك لسع والإقبال، وحباك اليمين بغاية الآمال، أيها العالم الذي جاءت فاؤه بالسين، إيذاناً باستمرار معافاته على ممر السنين، العمدة الجليل، والفاضل الذي ليس له مثيل، تاج جبهة المفاخر، ومصداق كم ترك الأول للآخر، علم العلوم، ومعدن الإبداع في المنثور والمنظوم، سيدي وأستاذي، وعمدتي وملاذي: [البسيط]

لسنا نسيمك إجلالاً وتكرمة ... وقدرك المعتلي عن ذاك يكفينا

<<  <   >  >>