للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورب أخ خليق بالتقالي ... ومغترب جدير بالصفاء.

وله من أخرى:

وتفرق البعداء بعد مودة ... صعب فكيف تفرق القرباء.

وله من أخرى:

لو رجعنا إلى العقول يقينا ... لرأينا الممات في الميلاد.

وله من أخرى:

يا ليت أني ما اقتنيتك صاحبا ... كم قينة جلبت أسى لفؤادي.

ومنها:

برد القلوب بمن نحب بقاءه ... مما يجر حرارة الأكباد.

وله من أخرى:

ومن يسأل الركبان عن حال غائب ... فلا بد أن يلقى بشيرا وناعيا.

وله من أخرى:

وأفجع الناس من ولت حبائبه ... ولا عناق ولا ضم ولا قبل.

ومنها:

ومن لم يعظه بياض الشيب أدركه ... في غرة حتفه المقدور والأجل.

من أخطأته سهام الموت قيده ... طول السنين فلا لهو ولا جذل.

وضاق من نفسه ما كان متسعا ... حتى الرجاء وحتى العزم والأمل.

وللرجال أحاديث فاحسنها ... ما نمق الجود لا ما نمق البخل.

ومنها:

ليس المعاد إلى الدنيا بمتفق ... ولا رجوع لمن يمضي به الأجل.

وكيف نأمل أن تبقى الحياة لنا ... وغير راجعة أيامنا الأول.

غيره: وما أحسن أن يعذر المرء نفسه=وليس له من سائر الناس عاذر.

آخر: وما ينفع الأصل من هاشم=إذا كانت النفس من باهله.

آخر:

فنذل الرجال كنذل النبات ... فلا للثمار ولا للحطب.

آخر:

لا يغرس الشر غارس أبدا ... إلا اجتنى من ثماره ندما.

فهذه نبذة من الأمثال للمتقدمين والمتأخرين، وقد ألف في ذلك جماعة منهم: ابن أبي الأصبع، له كتاب الأمثال؛ ابتدأ فيه بذكر ما وقع في الكتاب العزيز من الأمثال، والحق بها أمثال دواوين الإسلام، وختم الجميع بذكر أمثال العامة. وذكر في كتابه المسمى بتحرير التحبير: أنه استخرج أمثال أبي تمام من شعره، فوجدها تسعين نصيفاً وثلثمائة بيت وأربعة وخمسين بيتا واستوعب أمثال أبي الطيب المتنبي، فوجدها مائة نصيف وثلاثة وسبعين نصيفاً، وأربعمائة بيت؛ ولكنه أخرج من أمثال أبي الطيب ما ولده من أمثال أبي تمام، ومدار الناس الآن على أمثال أبي الطيب المتنبي دون غيرها غالبا. وقد جمع منها ابن حجة في شرح بديعيته جملة حسنة، ولكني وقفت للصاحب كافي الكفاءة إسماعيل بن عباد رحمه الله تعالى على رسالة جمع فيها أمثال أبي الطيب السائرة لمخدومه فخر الدولة، ووجد بخط فخر الدولة على نسخة الأصل علامات على رؤوس بعض الأبيات، وهي علامات ما اختاره من الأمثال. وقد رأيت أن أثبت الرسالة المذكورة بعينها؛ وأثبت العلامات المزورة لفخر الدولة؛ وهي خاء معجمة؛ علامة الانتخاب. وإنما نقلتها على ما هي عليه تعجبا من جودة نقده؛ ودلالة اختياره على أنه اختيار الملوك وذوي الهمم العالية؛ وبالله التوفيق ومنه الهداية إلى سوء الطريق.

الأمثال السائرة. من شعر المتنبي جمعها الصاحب كافي الكفاءة لمخدومه فخر الدولة قال الصاحب كافي الكفاءة إسماعيل بن عباد رحمه الله تعالى: الحمد لله الذي ضرب الأمثال للناس "لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها" وصلى الله على أفصح العرب وسر عبد المطلب، صلى الله عليه وعلى آله أخيار الأمم، وأنوار الظلم، كم مثل ضرب فيه الحجة الواضحة؛ والحكمة البالغة. ثم إن الله قد أحيا بالأمير السيد شاهنشاه فخر الدولة، وفلك الأمة أطال الله بقاه، ونصر لواه داثر العلوم والآداب؛ وأقام برأيه ورايته أسواقهما، وكانت في يد الكساد بل الذهاب. فهو يقدم على المعرفة، ويقرب على التبصرة، لا كالملوك الذين يقال لهم:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي.

<<  <   >  >>