للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشرب مما اقتنيت راحا ... لها على راحتي شعاع

لي من قواريرها ندامى ... ومن قراقيرها سماع

وأجتني من عقول قوم ... قد أقفرت منهم البقاع

ومنه قول أبي الحسن علي بن أحمد الجوهري من قصيدة أولها:

يا سقيط الندى على الأقحوان ... شأنك الآن في الصبوح وشاني

أنت ذكرتني دموعي وقد صو ... بن بين العتاب والهجران

إن يكن للخليع فيك أوان ... ينقضي بالمنى فهذا أواني

سحر مدنف وجو عليل ... ومليح يميل كالنشوان

صاح إن الزمان أقصر عمرا ... أن تراع المنى بصرف الزمان

رق عنا الملاحف الجو فانهض ... برقيق من صوب تلك الدنان

قهوة عقها ... النواظر لما

حسبتها عصارة العقيان

كعصير الخدود في يقق الأو ... جه أو كالدموع في الأجفان

وقول هبة الله بن المنجم:

شكا إليك ما وجد ... من خانه فيك الجلد

حيران لو شئت اهتدى ... ظمآن لو شئت ورد

يا أيها الظبي الذي ... ألحاظه تردي الأسد

أما لأسراك فدى ... أما لقتلاك قود

الراح في إبريقها ... أحسن روح في جسد

فهاتها نصلح بها ... من الزمان ما فسد

ولقد طال بنا الشرح في هذا الباب, وخرجنا عن حد الاختصار الذي هو شرط الكتاب. ولكن لذ نوع الانسجام للسان القلم, فأورد منه ما هو أحلى من ظلم الحبيب وما ظلم.

ومن تأمل ما أوردته, وما أورده ابن حجة في هذا المقام, علم أن الرشح ليس كالانسجام. فإنه لم يورد إلا ما نبت العين عن أخلاق جدته, وبلي بردته, ومج السمع لمردداته, ومل القلب من مكرراته. ولم أورد إلا كل مستطرف مستبدع, أودعه قائله من الحسن ما أودع. وفي أنصاف أولي الألباب والأذهان ما يغني عن إثبات الحجة, وإقامة البرهان (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل) وبيت بديعة صفي الدين قوله:

فذكره قد أتى في هل أتى وسبا ... وفضله ظاهر في نون والقلم

ولم ينظم ابن جابر هذا النوع في بديعيته.

وبيت بديعة الموصلي قوله:

بأن انسجام كلام منزل عجب ... يهدي ويخبرنا عن سالف الأمم

وبيت بديعة ابن حجة قوله:

لذ انسجام دموعي في مدائحه ... بالله شنف بها يا طيب النغم

وبديعة المقري قوله:

مستكثر من أياد يستقل بها ... فخرا ومن خلق زاك ومن شيم

وبيت بديعة السيوطي قوله:

دعا وقد عم جدب الأرض فانتشأت ... في الحال سحب نعيم أي منسجم

وبيت بديعة العلوي قوله:

حاز الفخار فلا ند يعانده ... وكل فخر سوى ما فيه كالعدم

وبيت بديعة الطبري قوله:

ولانسجام مديحي في فضائله ... بيان منزلة للغير لم ترم

وبيت بديعتي قولي:

أوصافه انسجمت للذاكرين لها ... في هل أتى في سبا في نون القلم

[تناسب الأطراف]

فاسمع تناسب أطراف المديح له ... وأفهم معانيه إن كنت ذا فهم

تناسب الأطراف - عبارة عن أن يبتدئ المتكلم كلامه بمعنى, ثم يختمه بما يتناسب ذلك المعنى الذي ابتدأ به, وهذا النوع جعله الخطيب في التلخيص والإيضاح من مراعاة النظير. قال: ومن مراعاة النظير ما يسميه بعضهم تشابه الأطراف, وهو أن يختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى. انتهى.

وقد علمت أن الشيخ زكي الدين بن أبي الإصبع نقل هذا الاسم وهو تشابه الأطراف إلى نوع التسبيغ الذي هو عبارة عن أن يعيد الشاعر لفظة القافية في أول البيت الذي يليها, فتكون الأطراف متشابهة, وهي تسمية مطابقة للمسمى. وسمى بعضهم هذا النوع تشابه الأطراف المعنوي, وهو تطويل في العبارة, فرأينا نحن تسميته بتناسب الأطراف أولى لمطابقته لمسماه وهو نوعان, ظاهر وخفي

<<  <   >  >>