للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن أحسن. قال العلامة نجم الدين الكرماني في قلائد العقيان: ولم يبلغ في هذا النوع شأو الإمام رشيد الدين المشتهر بالوطواط، فإن له قصائد باللسانين التزم فيها الترصيع من أولها إلى أخرها، فمنها.

قوله من قصيدة يمدح بها بعض من أكابر قومه:

جناب ضياء الدين للبر موقع ... وباب ضياء الدين للحر مربع.

وسيرته الزهراء للحق معلم ... وسدته الشماء للخلق مجمع.

فجدد منه للمراشد أرسم ... وشيد منه للمحامد أربع.

وعلياه فيها للخواطر مسرح ... ولقياه فيها للنواظر مرتع

فمنهل من يروي ثناءك مفعم ... ومنزل من ينوي جفاءك بلقع.

وصولك للأشرار متو ومتلف ... وطولك للأخيار مرو ومشبع.

وهي نيف وأربعون بيتا.

قلت: والوطواط المذكور هو رشيد الدين محمد بن محمد الجليل، ينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب. قال يا ياقوت: كان من نوادر الزمان وعجائبه، وأفراد الدهر وغرائبه، أفضل أهل زمانه في النظم والنثر، فاق في كلام العرب وأسرار النحو والأدب، وكان ينشئ في حالة واحدة بيتا بالعربية من بحر وبيتا بالفارسية من آخر ويمليهما معا. مولده ببلخ، ومات سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. انتهى ملخصا، وأرخ بعض مؤرخي العجم وفاته سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، قال: وتوفي عن سبع وتسعين سنة. واشتهر أنه أول من دون علم المعنى، وكان في أول أمره في خدمة بعض الملوك، وكان الملك يأنس إلى منادمته وصحبته كثيرا، وكان الرشيد أقرع فعيره بعض من يحسده بالقرع بحضرة الملك، فقال الملك: إن الرشيد لوفور فضله لم يزل يماس السماء برأسه، فلا عجب إن زال شعر رأسه، ثم التفت إلى الرشيد وقال: إن رأسك عندي كعيني والعين لا ينبت عليها شعر، فانقطع ذلك الرجل. ومن تصانيفه: حدائق السحر في دقائق الشعر رسالة بالعربي وأخرى بالفارسي، وله غير ذلك.

وبيت بديعية الصيفي قوله:

من حاسر بغرار العضب ملتحف ... وسافر بغبار الحرب ملتثم.

وبيت بديعية ابن جابر قوله:

فهجر ربعي لذاك الربع مغتنمي ... ونثر جمعي لذاك الجمع معتصمي.

وبيت بديعية الموصلي قوله:

كم رصعوا كلما من در لفظهم ... كم أبدعوا حكما في سر علمهم.

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

نعم ترصع شعري واعتلت هممي ... وكم ترفع قدري وانجلت غممي.

وبيت بديعية المقري قوله:

غيث بواكره موجودة النعم ... ليث بوادره محذورة النقم.

وبيت بديعية السيوطي قوله:

مرصع بنظم النطق في الكلم ... مصرع بعظيم الخلق والحكم.

وبيت بديعية العلوي قوله:

من غاير مقنع أو عاير مسرع ... وساير متبع أو باتر خذم.

وبيت بديعية الطبري قوله:

ترصيع ذكرى بوصف فيه محترم ... تصريع شعري بوصف فيه منتظم.

وبيت بديعيتي قولي:

بهم ترصع نظمي وانجلى ألمي ... وكم توسع علمي واعتلى علمي.

[التفصيل.]

طويت عن كل أمر يستلذ به ... كشحا وقد لذ لي تفصيل مدحهم.

التفصيل بصاد مهملة في اللغة: مصدر فصلت الشيء تفصيلا إذا جعلته فصولا متمايزة.

وفي الاصطلاح: عبارة عن أن يأتي المتكلم بشطر بيت من شعر له متقدم في نثره أو نظمه، صدرا كان أو عجزا، يفصل به كلامه به كلامه بعد أن يوطئ له توطئة ملائمة.

وقد يطلق التفصيل على معنى آخر في الاصطلاح، وهو أن يقدم الشاعر ما حقه التقديم، أو يفصل فيما حقه الاتصال، وهو من العيوب العامة للشعر، وقد تقدم مثاله في النوع التهذيب والتأديب، والمقصود هنا المعنى الأول، وغالب علماء البديع لم يذكروه في مصنفاتهم، وأورده الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته. ولا فرق بينه وبين الإيداع، سوى أن الإيداع إيراد الشاعر شطر بيت لغيره، والتفصيل إيراده شطر بيت لنفسه، وليس تحته كبير أمر.

وبيت بديعية الصفي الدين الحلي قوله:

صلى عليك إله العرش ما طلعت ... شمس وما لاح نجم في دجى الظلم.

قال في شرحه: صدر هذا البيت هو بحاله لي في قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وآله، أولها:

فيروز الصبح أم ياقوتة الشفق ... بدت فهيجت الورقاء في الورق.

والبيت الذي أتيته بصدره منها لئلا تخلو القصيدة من هذا النوع هو:

<<  <   >  >>