للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخي محافظة طليق وجهه ... هش جررت له الشواء بمسعر

من بازل ضربت بأبيض باتر ... بيدي أغر يجر فضل المئزر

ورفعت راحلة كأن ضلوعها ... من نص راكبها سفائف عرعر

حرجاً إذا هاج السراب على الصوى ... واستن في أفق السماء الأغبر

- ٨ - وقال في مولى له، وينسب هذا الشعر لابنه خالد:

ومولى كمولى الزبرقان دملته ... كما دملت ساق تهاض بها وقر

إذا ما أحالت والجبائر فوقها ... أتى الحول لا برء جبير ولا كسر

تراه كأن الله يجدع أنفسه ... وعينيه إن مولاه ثاب له وفر

ترى الشر قد أفنى دوائر وجهه ... كضب الكدى أفنى أنامله الجفر

- ٩ - وقال علقمة وينسب هذا الشعر لحفيده عبد الرحمن بن علي بن علقمة:

وشامت بي لا تخفي عداوته ... إذا حمامى ساقته المقادير

إذا تضمنني بيت برابية ... آبوا سراعاً وأمسى وهو مهجور

فلا يغرنك جري الثوب معتجراً ... إني امرؤ في عند الجد تشمير

كأنني لم أقل يوماً لعادية ... شدوا ولا فتية في موكب سيروا

ساروا جميعاً وقد طال الوجيف بهم ... حتى بدا واضح الأقراب مشهور

ولم أصبح جمام الماء طاوية ... بالقوم وردهم للخمس تبكير

أوردتها وصدور العيس مسنفة ... والصبح بالكوكب الدري منحور

تباشروا بعد ما طال الوجيف بهم ... بالصبح لما بدت منه تباشير

بدت سوابق من أولاه نعرفها ... وكبره في سواء الليل مستور

كمل المختار من شعر علقمة بن عبدة التميمي.

[النابعة الذبياني ٥٣٥ - ٦٠٤ م]

- ١ - هو زيادة بن معاوية من غيظ بن مرة من ذبيان من قيس من مضر؛ وكنيته أبو أمامة، ولقب بالنابغة لنبوغه في الشعر وهو كبير دفعة واحدة بعد أن أحكمته التجارب ومشى به السن وهو أحد الأشراف الذين غض الشعر منهم، ويعد من شعراء الطبقة الأولى مع امرئ القيس، وكانت تضرب له قبل بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء تعرض عليه أشعارها فيفاضل بينهم.

وكان النابغة من أشراف قومه، ومع تكسبه بالشعر فإنه كان يعتز بنفسه، لا كما صنع الأعشى. وكان يقصد الملوك ويمدحهم في غير صنعة فيجزلون له العطاء. اتصل بالنعمان بن المنذر أبي قابوس ملك الحيرة الذي تولى الملك من عام ٥٨٠ - ٦٠٢ م، ومدحه بقصائد رائعة كثيرة، فقربه النعمان إليه، وصار أثيراً عنده ومن ندمائه، وغمره بعطائه الجزل، حتى صار النابغة يأكل في صحاف الذهب والفضة، ثم غضب عليه.. وتختلف الروايات في سبب ذلك.

قيل إن النابغة رأى زوجة النعمان "المتجردة" يوماً في حين غفلة فسقط نصيفها عن وجهها فاستترت بيدها وذراعها، فقال فيها قصيدته:

أمن آل أمية رائح أو مغتدي ... عجلان ذا زاد وغير مزود

فامتلأ النعمان غضباً وأوعد النابغة فهرب.. وقيل إن غضب النعمان عليه لأن أحد خصوم النابغة وهو عبد القيس التميمي ومرة بن سعد السعدي نظما هجاء في النعمان على لسان النابغة وأنشد النعمان أبياتاً منها:

قبح الله ثم ثنى بلعن ... وارث الصائغ الجبان الجهولا

من يضر الأدنى ويعجز عن ض ... ر الأقاصي ومن يخون الخليلا

يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ... ثم لا يرزأ العدو فتيلا

وكانت أم النعمان بنت صائغ من فدك - بلدة قريبة من المدينة - فنبر النابغة من ذلك الشعر، ولكنه خاف على نفسه فهرب إلى الشام.

وقيل ان سبب وعد النعمان للنابغة أنه كان هو والمنخل اليشكري جالسين في مجلس النعمان ومعهم زوجته المتجردة، فقال النعمان للنابغة: صفها في شعرك. فقال قصيدته:

أمن آل مية رائح أو مغتدي ... عجلان ذا زاد وغير مزود

<<  <   >  >>