للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترجم له صاحب شعراء النصرانية وجورجي زيدان، وصاحب كتاب الأدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلي، وترجم له السباعي بيومي، والزيات، وأصحاب الوسيط.

وعده صاحب الجمهرة من أصحاب المجمهرات - وهي سبع قصائد تلي المعلقات في المنزلة الأدبية - وروى مجمهرته:

عرفت الدار قد أقوت سنينا ... لزينب إذ تحل بها قطينا

وألف أحد أساتذة كلية اللغة العربية رسالة فيه وفي حياته وشعره وهي مخطوطة بمكتبة الكلية.

وطبع ديوانه المستشرق الألماني "فريدرك شولتهيس" عام ١٩١١ معتمداً على عدة مصادر، منها شرح محمد ابن حبيب العالم الرواية م ٢٤٥ هـ.

وطبع لأمية ديوان في بيروت عام ١٩٤٣، إلى غير ذلك من شتى الدراسات عن أمية. ويلاحظ أن بعض الباحثين يعدون أمية جاهلياً لأنه قد توفي بعد ظهور الإسلام بقليل ولأن أكثر آثاره الشعرية نظم قبل الإسلام، ولبيد جاهلي مع أنه توفي عام ٤١ هـ لأنه لم ينظم في الإسلام شيئاً.

وبعضهم يجعله من المخضرمين، لأنه توفي بعد الهجرة ورثى من قتل في بدر من المشركين.

- ٣ -

[مكانته في الشعر وآراء النقاد فيه]

١ - قال أبو عبيدة: اتفقت العرب على أن أشعر أهل المدن أهل يثرب، ثم عبد القيس (سكان البحرين) ، ثم ثقيف والطائف وان أشعر ثقيف أمية.

وذكره ابن سلام في شعراء الطائف حين تكلم على شعراء القرى، وقال: وأمية أشعر أهل الطائف.

وكان الكميت يقول: أمية أشعر الناس، قال كما قلنا ولم نقل كما قال.

وقال الأصمعي كما في الأغاني: ذهب أمية بعامة ذكر الآخرة، وذهب عنترة بعامة ذكر الحروب وذهب عمر بعامة ذكر الشباب، وكان أبو عبيدة والأصمعي يقولان، عدي في الشعراء بمنزلة سهيل في النجوم يعارضها ولا يجري معها وكذلك أمية.

وجعله صاحب كتاب شعراء النصرانية من شعراء الطبقة الثانية وذكر ما نصه. وقيل انه من الطبقة الأولى، وهذا مبالغة شديدة منه.

- ٤ -

[أسباب شاعريته]

هناك أسباب كثيرة كونت شاعرية أمية وأثرت فيها.. منها: ١ - عصره وبيئته: فقد كان العصر الجاهلي وكانت البيئة العربية عامة والطائف خاصة من بيئات الشعر والأدب والبلاغة والبيان، وجو الطائف وجمالها وكثرة خيراتها ومزارعها واستقرار الحياة فيها، كل ذلك كان له أثره في شاعرية الشاعر ولا ريب.

٢ - وراثته الشعر عن أسرته: فقد كان أمية من أسرة شاعرة، واشتهر أبوه بالشعر، وامتدت تلك المواهب الفنية فتوارثها أبناء أمية، وكان ابنه القاسم شاعراً وينسب إليه وإلى أبيه.

قوم إذا نزل الغريب بدارهم ... ردوه رب صواهل وقيان

وإذا دعوتهم لكل ملمة ... سدوا شعاع الشمس بالفرسان

إلى آخر هذه الأبيات.

٣ - ثقافته ورحلاته: فقد ألم أمية بثقافات واسعة واختلط بالحياة والناس والعناصر في رحلاته التجارية إلى اليمن والشام، مما كان له أثره في شعره وشاعريته.

٤ - فطرته على حب التدين: فقد دفعه ذلك إلى مخالطة رجال الأديان والتحدث إليهم والتأثر بعظاتهم، مما جعل قلبه رقيق العاطفة والشعور، وهما أساس الأدب والشعر، ومما جعله يلون شعره بهذا الروح الديني القوي الغلاب.

٥ - اختلاطه بالحياة الأدبية وبالشعراء في الطائف ومكة وسائر بلاد الجزيرة العربية شاباً ورجلاً وكهلاً، مما جعل الشعر أقرب إلى قلبه وروحه من أي شيء سواه.

إلى غير ذلك من بواعث الشعر وأسبابه في نفس أمية.

إن شعر أمية جدير بأوفر عناية وأدق درس لأنه وقد ذكر ما ذكر من أنباء الرسل وأمور الآخرة لا يعدو واحدة من اثنتين إما أن يكون قد قيل قبل نزول القرآن أو بعد بدء نزوله وفي أثنائه، فإن كانت الأولى فهو وثيقة فريدة في الدلالة على ما عرف بعض العرب لذلك العهد من تلك الشؤون، وإن كانت الثانية فقد أراد به صاحبه لا محالة معارضة القرآن فانقطع وتخلف ولم يستطع الكفار أن يشغبوا به.

وهذه أبيات من شعره تدل على طريقته، والأرجح أن نسبتها إليه صحيحة فإنها من قصيدة استشهد سيبويه ببيت منها وعنى بروايتها شراح كتابه، وقل أن يجوز عليهم غير صحيح.

قال أمية يذكر إرسال موسى وهارون إلى فرعون وفي الأبيات روح التأثر بالقرآن:

وأنت الذي فضل من سيب ونعمة ... بعثت إلى موسى رسولا مناديا

فقال أعني بابن أمي فانتي ... كثير به، يارب صل لي جناحيا

<<  <   >  >>