للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما خرج عل رضي الله عنه تلك لصبيحة أقبلت الأوز يصحن في وجهه فصردوهن، فقال: دعوهن فإنهن نوائح، وقيل لعلي رضي الله عنه، إن ابن ملجم سم يفه يزعم أنه يقتلك به قتلة تتحدث بها العرب، فبعث إليه فقال له، لم تسم سيفك قال: لعدوي وعدوك، فخلاه وقال: لم يقتلني بعد، وذكر في رشح ذات الشفاء، لما دخل المؤذن، وقال الصلاة قام علي رضي لله تعالى عنه يمشي، والمؤذن أمامه، والحسن رضي الله تعالى عنه، خلفه، فلما خرج من الباب نادى أيها الناس: الصلاة، الصلاة، فاعترضه ابن ملجم وضربه بسيفه فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، فقال علي رضي الله تعالى عنه: فزت ورب الكعبة، لا يفوتكم الكلب، فشد الناس عليه وحمل ابن ملجم على الناس بسيفه ففرجوا له، فتلقاه المغيرة بن نوفل رضي الله عنه بقطيفة فرماها عليه واحتمله وضرب به الأرض، وقعد على صدره وانتزع سيفه منه، ثم أخذ ودخل على علي رضي لله تعالى عنه فقال: احبسوه، وأطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأمره إلي قصاصاً وعفواً، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين، ومكث علي رضي الله تعالى عنه يوم الجمعة والسبت وتوفي ليلة الأحد، وتوفي رضي الله تعالى عنه فقام الحسين رضي الله عنه ومحمد ن الحنفية، ودخلا على ابن ملجم فقطعاه وحرقاه ونهاها الحسن ورضي الله عنه وقيل: قطعوه إرباً واجتمع الناس وأحرقوا جثته لنه الله، شعر:

وما كنتُ من أنداده يا ابن ملجمٍ ... ولولا قضاءُ ما أطقت له عيناً

سئل علي رضي الله تعالى عنه [عن قوله تعالى] : (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً) فقال: اللهم اغفر لهؤلاء، ونزلت في وفي عمي حمزة، وابن عمي عبيدة بن الحارث، فأما عبيدة فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وحمزة شهيداً يوم أحد، وأما أنا فأنتظر أشقاها يخضب هذه منة هذا، وأشار بيده إلى لحيته ورأسه، عهد عهداً إلى حبيبي أبو القاسم محمد صلى الله عليه وسلم انتهى.

[١٣]

ست الملك بنت العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله

معد بن المنصور إسماعيل بن القائم العبيدي

كانت في غاية الحسن والكمال، ولها شجاعة الرجال الأبطال لما ولي الخلافة بمصر أخوها الحاكم بأمر الله منصور سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وأظهر الجور، وأمات العدل، وأحدث من البدع ما ينفر عن سماعها أولوا الألباب، فمنها أنه أنشأ دار العلم وأحضر العلماء، وعمر الجامع، أقام على ذلك ثلاث سنين، ثم عاد إلى خسة أصله وسوء فعله، وقتل أهل العلم، وأغلق المدارس، ومنع من فعل خيراً، وادعى أنه يعلم الغيب، وأظهر الرفض، فكتب له رقعة بعض الأدباء فيها:

بالظلمِ والجورِ قد رضينا ... وليسَ بالكفرِ والحماقةْ

إن كنتَ أعطيتَ علمَ غيبٍ ... بيِّن لنا كاتبَ البطاقةْ

وصنف له بعض الباطنية كتاباً كر فيه أن روح آدم عليه السلام انتقلت إلى علي رضي الله تعالى عنه [وأن روح علي] انتقلت إلى الحاكم فزاد ظلمه وطالت أيامه، وهم بقتل أخته ست الملك فبلغها ذلك، فأرسلت إلى بعض القواد واتفقت معهم وحرضتهم على قتل أخيها، وذكرتهم غدره، وحذرتهم شره، فاجتمعوا عليه وقتلوه، وأخفوا أثره، ثم إن ست الملك أقامت بعده ولده الظاهر بالله علي بعد شهرين من قتل أبيه، وأقامت هي في تدبير المملكة، وسياسة الرعية، وكانت هي قد أقامت بالملك استقلالاً لنفسها شهرين، ثم نزلت عنه وعهدت لابن أخيها كما ذكرنا، ودبرته إلى أن توفيت سنة خمس عشرة وأربعمائة بعد أخيها بأربع سنين، ودفنت بتربتها التي أنشاتها بمصر، وضعفت دولة العبيديين بموتها، وكانت أحد أركان الرفض لا عمر الله قبرها، ولا رحمها، ولا عفا عنها.

<<  <   >  >>