للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول الباطنية فرقة من الروافض ذكر الإمام أبو عبد الله الشيرازي: الرافضة أجناس وهم اثنا عشر صنفاً فمنهم: الجبرية: وهم ينسبون القبائح إلى الله تعالى ويبرئون العباد من الذنوب، والجهمية: فهم ينكرون صفات الله تعالى وشبهوه بلا شيء. والحرورية يقولون: لا نعلم أحداً مؤمناً بعد وفاة رسول الله، والعلوية يقولون: إن الرسالة كانت لعلي رضي الله عنه ولهذا يصلون على علي رضي الله عنه والآمرية يقولون: إن علياً رضي الله عنه كان شريك محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنتَ منِّي بمنزلةِ هارونَ منْ موسى". والزبيدية يقولون: ولد الحسين آية، وأما في الصلاة فلا يجوز الإقتداء خلف غيرهم. والرجعية يقولون: إن علياً رضي الله عنه وأولاده يرجعون إلى الدنيا، وينتقمون من أعدائهم، واللعنية يلعنون طلحة رضي الله عنه والزبير رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها، ومعاوية وغيرهم، والأزرقية وهم أصحاب نافع بن الأزرق جوزوا أن يبعث الله نبياً كافراً تعالى الله عن ذلك والغاذرية: وهم فرقة من الرفضة يعذرون علياً رضي الله عنه في تركه الخلافة للصديق والفاروق وعثمان، والأباضية وهم أشد ضلالاً من سائر الفرق، وقيل: الباطنية. والعجادرة وهم مثل الأباضية إلا أنهم لا يسبون عائشة رضي الله عنها، لقرابتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج البراز وأبو يعلى والحاكم عن علي رضي الله عنه قال: دعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ فيكَ مثلاً منْ عيسى عليهِ السَّلام أبغضتهُ اليهودُ حتى بغضوا اللهَ تعالى، وأحبَّتهُ النَّصارى حتى أنزلوهُ بالمنزلِ الذي ليس بهِ". قال علي رضي الله عنه: يهلك في اثنان محب مفرط يقرضني بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، وفي المصابيح عن أنس بن مالك رضي اله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سيكونُ في أمَّتي اختلافٌ وفرقةٌ يحسنونَ القيلَ، ويسيئونَ الفعلَ، يقرؤون القرآن لا يجاوزُ تراقيهمْ، يمرقونَ منَ الدِّينِ مروقَ السَّهمِ منَ الرَّميةِ، لا يرجعونَ حتى يرتدَّ السَّهمُ على فوقهِ، همْ شرّ الخلقِ والخليقةِ، طوبى لمن قتلهمْ وقتلوهُ، يدعونَ إلى كتابِ اللهِ، وليسوا منَّا في شيءٍ من قاتلهم كان أولى باللهِ منهمْ". قالوا: يا رسول الله، ما سيماهم؟ قال: التحليق. أي: حلق شعر الرأس، قيل هم الخوارج، يل هم الرفضة قاتلهم الله ما أظلمهم وأعمى أبصارهم.

[١٤]

زنبى ملكة الروم

كانت من بيت الملك، ولها حسن رأي وتدبير بسياسة الرعية، ملكت الروم سنة ثمانين ومائة، وقامت بالملك سبع سنين، وكانت مطيعة للخليفة هارون الرشيد ترسل له الجزية كل عام مع هدايا وتحف وأنعام إلى أن خرج عليها نقفور؛ الكلب العقور، وجمع الجموع وحاربها ثم قبض عليها وقتلها، وقيل: إنها شربت سماً لما أحست بالغلبة وماتت وذلك لما بلغها أن الروم قد اجتمعوا على خلعها، وملكوا عليها نقفور، وكان يدعي أنه من أولاد جفنة الغساني الذي تنصر في خلافة الفاروق رضي الله عنه ولما استقر بالملك نقفور طغى وتجبر، وكتب إلى الخليفة هارون الرشيد: من تقفور، ملك الروم، إلى هارون الرشيد، مالك العرب، أما بعد، فغن الملكة زنبى أقامت مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت لك من أموالها، وذلك لضعفها وحمق النساء، فإن قرأت كتابي فاردد ما حصل لك منها، وافتد نفسك، وإلا فالسيف بيننا وبينك. فلما قرأه الرشيد غضب، وكتب بيده على ظهر الكتاب: من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور، كلب الروم، قرأت كتابك يا ابن الكافر، والجواب ما تراه دون ما تسمعه. وأرسله من ساعته، وتجهز الرشيد من يومه، وركب وسار حتى نزل على مدينة هرقلة، وحاصرها وقتل وسبى، وذل نقفور وأرسل يطلب الصلح من الرشيد، ويحمل له الخراج كل عام. فصالحه وعد إلى بغداد، ثم نقض العهد نقفور فلم يجسر أحد أن يخبر الرشيد، فأمر الوزير يحيى البرمكي أبا العتاهية الشاعر، فكتب له شعراً:

ألا بادتك هرقلةُ بالخرابِ ... منَ الملكِ الموفّقِ للصَّوابِ

عدا هارونَ يرعدُ بالمنايا ... ويبرقُ بالمذكّرة القضابِ

وراياتٌ يحلُ النَّصرُ فيها ... تمرُّ كأنَّها قطعُ السَّحابِ

وقيل: ما جسر إلا شاعر من أهل جدة كتب له: شعر:

<<  <   >  >>