للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنت عبد المطلب، عمة النبي صلى الله عليه وسلم وهي شقيقة حمزة، رضي الله عنه أمها هالة بنت وهيب عم آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت صفية رضي الله عنها ولا خلاف في إسلامها، وكانت في الجاهلية عند الحارث بن حرب بن أمية فهلك عنها فتزوجها العوام بن خويلد فولدت له السائب وعبد الكعبة والزبير رضي الله عنه ثم أسلمت وهاجرت، وكانت حازمة ذات قوة وشجاعة، وكانت مع النساء في وقعة الأحزاب في أطم ومعهن حسان بن ثابت رضي الله عنه فإذا بيهودي يطوف بالأطم فقالت لحسان: انزل فاقتله، فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، ما لي بهذا من حاجة، فأخذت صفية رضي الله عنها عموداً ونزلت إليه وقتلته ثم قالت لحسان: انزل وخذ سلبه فما منعني من سلبه إلا أنه رجل فقال: لا حاجة لي بسلبه، وكان حسان شجاعاً فيما تقدم ثم أصابته ضربة على رأسه أضرت دماغه، وتولد له من تلك الضربة نوع من الجبن، وعاشت صفية إلى خلافة عمر رضي الله عنه وتوفيت سنة عشرين ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع، ومن شعرها ترثي النبي صلى الله عليه وسلم.

ألا يا رسولَ اللهِ كنتَ رجاءنا ... وكنتَ بنا براً ولمْ تكُ جافيا

وكنتَ رحيماً هادياً ومعلِّماً ... لبيكِ عليكَ اليوم منْ كانَ باكيا

كأنَّ على قلبي لذكر محمَّدٍ ... وما خفتُ من بعدِ النبيِّ المكاويا

لعمركَ ما أبكي النبيَّ لفقده ... ولكنْ لما أخشى من الهرج آتيا

أفاطمَ صلّى الله ربُّ محمَّدٍ ... على جدثٍ أمسى بيثربَ ثاويا

فدىً لرسول الله أمَّي وخالتي ... وعمِّي وآبائي ونفسي وماليا

صدقتَ وبلغتَ الرسالةَ صادقاً ... ومتَّ صليبَ العودِ أبلجَ صافيا

فلو أنَّ ربَّ الناسِ أبقى محمَّداً ... سعدنا، لكنَّ أمره كان ماضياً

عليكَ منَ اللهِ السلامُ تحيَّةً ... وأدخلت جنَّاتٍ من العدنِ راضياً

أرى حسناً أيتمته وتركته ... يبكي ويدعو جدّه اليوم نائيا

[٢٥]

خديجة الكبرى رضي الله عنها

أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى [بن] قصي، وأمها: فاطمة بنت زائدة بن الأصم، كانت تدعى بالجاهلية الطاهرة، تزوجها صلى الله عليه وسلم وهي أم أولاده كلهم إلا ابراهيم، وكانت خديجة رضي الله عنها قبل [رسول الله صلى الله عليه وسلم] عند أبي هالة بن زرارة بن نباش التميمي، ثم خلف عليها عتيق بن عابد بن عمرو بن مخزوم، وكانت خديجة رضي الله عنها أول الخلق على الإطلاق إسلاماً بعد البعثة، وذكر في "الجامع الصغير" عنه صلى الله تعالى عليه وسلم، أنه قال: "أجرت نفسي من خديجة سفرتين بقلوصتين"، وقيل: إن أبا طالب قال لخديجة: هل لك أن تستأجري محمداً، وقد استأجرت فلاناً ببكرتين ولسنا نرضى لمحمد دون أربع بكرات؟ فقالت": لو سألت لبعيد بغيض فكيف وقد سألت لحبيب قريب؟ فرضيت خديجة واستأجرته صلى الله عليه وسلم وأرسلته مع عبدها ميسرة إلى سوق حباشة، وهو بأرض اليمن على ست ليال من مكة، فابتاع منه بزاً، ورجعا فربحا ربحاً حسناً، وأرسلته في الثانية إلى إسلام مع مسيرة، فابتاعا وربحا وعادا، فقال مسيرة للنبي صلى الله عليه وسلم: هل لك أن تسبقني إلى خديجة فتخبرها بالذي جرى فلعلها تزيدك بكرة إلى بكراتك، فركب صلى الله عليه وسلم وتقدم ودخل معه في الظهيرة، وخديجة في غرفتها مع نساء، فرأته حين دخل وملكان يظلانه، فأرته نساءها فعجبت من ذلك، فأخبرها بما ربحوا فسرت، وقالت: عجل إلى ميسرة ليعجل وصعدت إلى الغرفة فرأته، صلى الله عليه وسلم على الحالة الأولى، فلما دخل ميسرة أخبرته خديجة بما رأت، فقال لها ميسرة: قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشام، وأخبرها بقول نسطور لما رآه نزل تحت [شجرة مخصوصة] فقال: هذا آخر الأنبياء.

وقال النيسابوري: لما رأى الراهب الغمامة تظله دنا إلى النبي وقبل رأسه وقدمه، وقال: آمنت بك، فلما سمعت خديجة ذلك حدثت ابن عمها ورقة بن نوفل بذلك، فقال لها: إن كان حقاً ما ذكرت فمحمد نبي هذه الأمة المنتظر.

<<  <   >  >>