للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ ضَيْفاً طَارِقَاً في دَارِكُمْ ... هَلْ تَضيفُونَ إِلى وقَت السَحَرْ

فأجابَتْ بِسُرُورٍ سيدي ... نكرِمُ الضَيْفَ بِسَمْعي وَالْبَصَرْ

فقال له الرشيد: يل فاعل! يا تارك! أكنت البارحة معنا؟! فاضربوا عنقه! فحلف ما كان. فعفى عنه وأجازه. وفي ذكر الأحلام ما حكاه الخرائطي الهمام: قال كان لبعض الحلفاء غلام وجارية متحابين فكتب الغلام إلى الجارية.

وَلَقَدْ رَأَيْتُكِ في المَناَمِ كَأَنَّمَا ... عَاطَيْتنِي منْ رِيقِ فِيكِ الَبارِدِ

وَكَأَنَّ كَفَّكِ في يَدي وَكَأَنَّنَا ... بِتْنَا جَمِعياً في فِرَاشٍ وَاحِدِ

فَطَفِقْتُ لَيليِ كُلَّه مُتَرَاقِداً ... لأَرَاكِ في نومِي وَلَستُ برَاقِدِ

فأجبت الجارية، وكتبت له شِعْر:

خَيْراً رَأَيْتَ وكُلَّمَا أَبْصَرْتَه ... سَتَنَالَهُ منَّي بِرَغْمِ الحَاسِدِ

إِنَّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُعَانِقِي ... فَتَبِيتَ منَّي فِرِاشٍ وَاحِدِ

وَأَرَاكَ بَيْنَ خَلاَخِلِي وَدَمَالِجِي ... وَأَرَاكِ بَيْنَ تَرَائِبِي وَمَجَاسِدي

فبلغ ذلك مولا هما الخليفة فأنكحهما وأحسن إليها، والله سبحانه أعلم.

[١٠٤]

الحُرَّةُ سَيّدَةُ بِنْتُ أَحْمَد بنِ جَعْفَر بنِ مُوشَى الصَّليحي.

ملكة اليمن مولدها سنة أربعمائة وأربعين تزوجها المالك المكرم أحمد بن علي الصليحي صاحب صنعاء، وكانت قد قامت بتربيتها أسماء بنت شهاب زوجة علي الصليحي، وزوجتها لولدها أحمد المكرم سنة إحدى وستين وأربعمائة، فأقامت الحرة في تدبير الملك والحروب أحسن قيام، واشتغل أحمد بالمأكول المشروب، وطالت مدتها، وتوفي زوجها أحمد سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وهي في الملك، ملك بعد أحمد سبأ بن أحمد، إحدى عشرة سنة، وهي في الملك، ومات سبأ سنة خمس وتسعين وأربعمائة، ثم قدم من مصر علي بن إبراهيم بن نجيب الدولة، وملك اليمن، وهي بصنعاء ملكة، وقبض على ابن إبراهيم بعد مضي ستة أعوام، وهي ملكة، واستمرت بالملك إلى أن توفيت سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وعمرها اثنتان وتسعون سنة. وكان المفضل يحكم بين يدي الحرة وتحتجب عنه لئلا يطمع فيها، توفي المفضل سنة أربع وخمسمائة، واستقلت. الحرة بالمملكة إلى أن توفيت.

[١٠٥]

أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون صاحب مصر

كانت في غاية الجمل والبهاء والكمال، تزوجها الخليفة المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي سنة مائتين واثنتين. وأصدقها ألف ألف درهم، وأرسها أبوها من مصر إلى بغداد، فأحبها المعتضد حباً شديداً ولقبها قطر الندى، وحظيت عنده، وكانت من أهل الكمال والذكاء، وحكي: أنها لما زفت إلى المعتضد أحبها حباً شديداً، وكان إذ نام يضع رأسه في حجرها، فأتفق أنه ليلة نام على ووضع رآه في حجرها، فلما فرفعت رأسه وسدته وخرجت فلما استيقظ ذعر وناداها فأجابته من قرب. فقل لها: تركتني وذهبت عني؟ فقالت: والله لم أزل كالئة لأمير المؤمنين قال: فما أخرجك عني؟ قالت: مما أدبني به والدي أن لا أجلس مع النائمين ولا أنام مع الجلوس. ومما حكي عن بعض أذكياء النساء أن الخليفة المتوكل على الله العباسي بلغه أن جارية في المدينة جميلة الصورة، حسنة السيرة تحسن الغناء، وضرب العود، فأرسل إلى مولاها يطلبها منه. فكاد أن يزول عقل مولاها لفرط حبة إياها، فقالت له: أحسن ظنك بالله وبي فإني كفيلة بما تحب. فحملت إلى المتوكل، وأدخلت عليه فقال لها: أقرئي شيئاً من القرآن. فقالت: (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة (إلى تمام الآية. ففطن المتوكل (إلى) ما أرادت فردها إلى مولاها. وتوفيت قطر الندى سنة أربع وثمانين ومائتين.

[١٠٦]

أُمَُ خالَدِ

<<  <   >  >>