للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي زوجة يزيد بن معاوية، وخالد ولدها من يزيد تزوجها يزيد وحظيت عنده، وولدت له خالداً ومات يزيد سنة أربع وستين، وصار الناس في الشام فرقتين، اليمانية مع مروان بن الحكم، والقيسية مع الضحاك بن قيس، وكانوا مبايعين لابن الزبير رضي الله عنه فقاتلهم مروان فانهزم الضحاك وهربت القيسية ثم قتل الضحاك، وذلك في الغوطة، ودخل مروان دمشق ونزل بدار معاوية رضي الله عنه، واجتمع عليه الناس فتزوج أم خالد خوفاً من خالد. وأقامت عنده سنة، فاتفق أنه يوماً خاصمها وشتمها، فغضبت لذلك، فدعت جواريها وقبضن على مروان فوضعت مخدّة على وجهه، وجلست هي وجواريها فوقه حتى مات. وأظهرت للناس أنه مات فجأة، وذلك لثلاث خلون من رمضان، وهذا مروان كان يقال له الطريد لأن النبي صلى الله عليه وسلم طرده من المدينة، عن مكانه مرحلة، ولما توفي الصديق، رضي الله عنه وولي الخلافة عمر رضي الله عنه أبعده مرحلة أخرى، ولما توفي عمر رضي الله عنه وولي الخلافة عثمان رضي الله عنه أعاده إلى المدينة، ومما نقموا على الإمام عثمان، رضي الله عنه عودة مروان المدينة وتوفيت أم خالد في خلافة عبد الملك والله أعلم.

[١٠٧]

قَبِيحَةُ جَارِيَةُ الخَلِيفَة المُتوكل علَىَ اللَّه جَعْفَر.

العباسي، وهي أم ولده المعتز بالله محمد، وكان المتوكل سماها قبيحة لفرط حسنها وجمالها واعتدالها، وسماها بهذا الاسم كما يسمى العبد الأسود كافوراً، والأمة السوداء فضة، وقتل المتوكل سنة سبع وأربعين ومائتين، وأقامت قبيحة عند ولدها المعتز، وكان المتوكل حين ولي الخلافة أحيا السنة وأمات البدعة، ورفع المحنة بقول خلق القرآن وخذل المعتزلة. وأكرم العلماء. ولم يكن له سيئة إلا أنه كان يبغض الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمر بهدم قبة الحسين رضي الله عنه وهدم ما حولها من المنازل، وجعلها مزرعة وفي ذلك يقول الشاعر:

تَااللَّهِ إن كانَتْ أُمَيةُ قَدْ أَتَتْ ... قَتْلَ ابْن بِنْتِ نَبِيَّهَا مَظْلُومَا

فَلَقَدْ أَتَى بَنُوا أَبِيهِ بِمِثْلِهِ ... هَذَا لَعَمْرُكَ قَبْرُهُ مَهْدُومَا

أَسِفُوا عَلَى أَنْ يَكُونُوا شَارَكُوا ... في قَتْلِهِ فَتَتَبُّعُوهُ رَمِيمَا

وفيه يقول ابن الوردي:

وَكَمْ قَدْ سَحْى خَيْرٌ بِشَرًّكَماَ انْمَحَتْ ... بِبُغْضِ عَليًّ سِيرَة المُتَوكَّل

تَعَمَّقَ في عَدلٍ وَلَمَّا جَنَى على ... جِنَابِ عَليًّ حَطَّهُ الَّسيل منْ عَلِ

ولما بويع المعتز بالله سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكان حسن الصورة كمثل أمه، والفرع يلحق بالأصول ويقتفي، ولم يكن يلي الخلافة أصغر منه، وكان مغلوباً مع الأتراك فتغلب عليه ابن وصيف، وخلعه من الخلافة سنة مائتين وخمس وخمسين، وأدخله الحمام ولطمه ومنعه شرب الماء ثم سقوه ماء الثلج فمات من ساعته، واختفت أمه قبيحة ثم ظهرت في هذه السنة، في رمضان، فبلغ صالح بن وصيف ظهور قبيحة فقبض عليه، وأخذ منها ألف ألف دينار، وسفط زمرد، وسفط لؤلؤ، وسفط ياقوت أحمر لم يوجد مثله، وقال صالح: قبح الله قبيحة عرضت ابنها للقتل لأجل خمسين ألف دينار، وعندها هذه الأموال! ثم نفاها إلى مكة، وأقامت هناك تدعو على صالح بصوت عال، وتقول: هتك ستري، وقتل ولدي، وأخذ أموالي، وغربني عن بلدي، وركب الفاحشة مني وفي ذلك يقول الشاعر:

جَزَى ابْنُ وَصيفَ مَوْلاَه بِشَرَّ ... وَلَكِن هَكَذَا صِفَةُ الوَصِيفِ

ولم يمض على صالح سنة حتى تغلب عليه الأمير موسى بن بغا التركي، وقتله واستولى على أمواله. وتوفيت قبيحة في مكة، وقيل عادت إلى بغداد (وتوفيت) في خلافة المعتمد على الله أحمد بن المتوكل على الله.

[١٠٨]

شَغَب جَارِيَة الخَلِيفَة المُعْتَضِد بِالله أَحْمَد

<<  <   >  >>