للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر الشيخ علي القاري، قال الزركشي: بين قولنا لم يصح، وقولنا: موضوع، فرق بين لأن الوضع إثبات الكذب، وقولنا: لم يصح، إنما هو إخبار عن عدم الثبوت، ولا يلزم منه إثبات العدم. ومما يستحب للمحدث ذكره في "الصفوة": أن يقدم الصالحات، ويحرص على نشر الحديث، وإذا أراد الحضور في مجلس الحديث فليتطهر، ويتطيب، ويسرح شعره، ويجلس متمكناً بوقار، ويفتتح بتحميد الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وينبغي إلا يحدث بحضرة من هو أولى به، ومما يجب على الطالب تصحيح النية، وتقديم العمل الصالح، والإخلاص، وينبغي أن يعظم شيخه ومن يسمع منه، فذلك من إجلال العلم وأسباب الانتفاع به.

وفيه أيضاً يجوز التساهل عندهم في أسانيد الضعيف وروايته سوى الموضوع، ولا يثبت شيء من الأحكام الخمسة بالضعيف، غير أنه يجوز العمل بالضعيف في الفضائل.

وتوفيت أم الخير فاطمة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. والله أعلم.

[١٢٢]

شهدة بنت أحمد بن الفرج

العالمة، الفاضلة، الصالحة، الورعة، العابدة، التقية، برعت في العلوم، وأتقنت المنطوق والمفهوم، وكانت تصوم الاثنين والخمسين، وتعظ النساء الوعظ النفيس. اشتهر فضلها في الآفاق ونما بالعراق، ولها مشاركة في كثير من العلوم ولا سيما الفقه، وعلم التفسير، وعلم الحديث، وكانت تجلس من وراء حجاب، وتقرئ الطلاب، وتتلمذ عليها خلق كثير مثل الشيخ أبي الحسن والفقيه أبي المعالي أحمد بن خلف.

توفيت غي حدود سنة أربع وسبعين وخمسمائة وتعرف بالكاتبة.

[١٢٣]

تقية بنت غوث بن علي الصوري

كانت أوحد أهل زمانها بالأدب، ولها مشاركة في بعض العلوم، وأتقنت النحو، ولها شعر جيد، فمن ذلك قولها في وصف مليح، وحمرة خده الصحيح:

خد من أهواه يحكي زحلا ... صبغوه من دمي كالعندم

ولماه عسل فيه الشفا ... وحماه كعبتي بل حرمي

وعلى هذا القول بعضهم، وأجاد

أهيف خده من ماء ورد ... يحوز الحسن فهو بلا شبيه

فلو أخجلته بالقول جهدي ... لحمرة خده ما بان فيه

وقال آخر:

ونار خديه الذي أضرمت ... غدا بها كان لقلبي غرام

اخترته مولى ويا ليته ... لو قال يا بشراي هذا غلام

حكي: أن تقية مدحت الملك المظفر عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين بقصيدة طويلة فأجازها وتوفيت سنة ثمانين وخمسمائة.

[١٢٤]

تعيسة أو عبد الله الطرابلسي

كانت من المخدرات، ذكر ابن كثير قال: لما دخلت سنة أربع وخمسين وسبعمائة، كانت تعيسة بنتاً باكرة قريباً من البلوغ، فزوجت لرجل، فلم يقدر على وقاعها فطلقها ثم تزوجها آخر، ولم يقدر عليها وطلقها، وتزوجها الثالث وعجز عنها فطلقها، ولم يقدر أحد عليها، يظن أن بها رتقاً فلما بلغت خمس عشرة غار ثدياها، ثم جعل يخرج من محل الفرج شيئاً قليلاً قليلاً مثل البنت إلى أن صار قد أصبح ذكراً وتحته أنثيان، واشتهرت هذه الحكاية، وتزوجت بامرأة بعدما كانت امرأة.

ونظير هذا ما ذكره لي من أثق به، وحلف لي أنه رأى في كتاب: أن رجلاً من أهل الصلاح وأهل العلم كان له بنت، وقد جاوزت عشر سنين، فأرسل بعض الأشرار ممن هو ليس كفوءاً يخطب منه ابنته، فأنكر ذلك الرجل الصالح البنت، وقال: ليس لي بنت إنما هو ولد ثم دخل إلى بيته وأخبر زوجته بذلك فأحضروا البنت فوجدوها ولد ذكراً وقد صار له ذكر، وأنثيان. وصدق الله قول ذلك الصالح وكفاه شر ذلك الطالح. ولا يبعد هذا عن قدرة الله تعالى فإن القدرة صالحة لكل شيء والله أعلم.

ومما حكي: أن إماماً كان بمدينة حلب يصلي سنة سبع مائة واثنين وثمانين، فجاء شخص وعبث به وهو يصلي فلم يقطع الإمام صلاته، حتى سلم فانقلب ذلك العابث وجهه وجه خنزير، وهرب من وقته إلى غابة خارج حلب، ومات بعد ثلاثة أيام.

<<  <   >  >>