للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَوْ قُلْنَا: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ صَحِيحَةً، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ الْمُصَلِّي مُتَطَهِّرًا وَلَا كَوْنُهُ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ.

وَتَحْقِيقُ لُزُومِ النَّتِيجَةِ مِنْ هَذَا النَّمَطِ أَنَّهُ مَهْمَا جُعِلَ شَيْءٌ لَازِمًا لِشَيْءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الْمَلْزُومُ أَعَمَّ مِنْ اللَّازِمِ بَلْ إمَّا أَخَصَّ أَوْ مُسَاوِيًا، وَمَهْمَا كَانَ أَخَصَّ فَثُبُوتُ الْأَخَصِّ بِالضَّرُورَةِ يُوجِبُ ثُبُوتَ الْأَعَمِّ، إذْ يَلْزَمُ مَنْ ثُبُوتِ السَّوَادِ ثُبُوتُ اللَّوْنِ، وَهُوَ الَّذِي عَنَيْنَاهُ بِتَسْلِيمِ عَيْنِ اللَّازِمِ وَانْتِفَاءُ الْأَعَمِّ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْأَخَصِّ بِالضَّرُورَةِ، إذْ يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ اللَّوْنِ انْتِفَاءُ السَّوَادِ وَهُوَ الَّذِي عَنَيْنَاهُ بِتَسْلِيمِ نَقِيضِ اللَّازِمِ. وَأَمَّا ثُبُوتُ الْأَعَمِّ فَلَا يُوجِبُ ثُبُوتَ الْأَخَصِّ فَإِنَّ ثُبُوتَ اللَّوْنِ لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ السَّوَادِ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا تَسْلِيمُ عَيْنِ اللَّازِمِ لَا يُنْتِجُ.

وَأَمَّا انْتِفَاءُ الْأَخَصِّ فَلَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْأَعَمِّ وَلَا ثُبُوتَهُ، فَإِنَّ انْتِفَاءَ السَّوَادِ لَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ اللَّوْنِ وَلَا ثُبُوتَهُ، وَهُوَ الَّذِي عَنَيْنَاهُ بِقَوْلِنَا: إنَّ تَسْلِيمَ نَقِيضِ الْمُقَدَّمِ لَا يَنْتُجُ أَصْلًا. وَإِنْ جُعِلَ الْأَخَصُّ لَازِمًا لِلْأَعَمِّ فَهُوَ خَطَأٌ، كَمَنْ يَقُولُ: إنْ كَانَ هَذَا لَوْنًا فَهُوَ سَوَادٌ. فَإِنْ كَانَ اللَّازِمُ مُسَاوِيًا لِلْمُقَدَّمِ أَنْتَجَ مِنْهُ أَرْبَعَ تَسْلِيمَاتٍ، كَقَوْلِنَا: إنْ كَانَ زِنَا الْمُحْصَنِ مَوْجُودًا فَالرَّجْمُ وَاجِبٌ لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فَإِذًا هُوَ وَاجِبٌ، لَكِنَّهُ وَاجِبٌ فَإِذًا هُوَ مَوْجُودٌ، لَكِنْ الرَّجْمُ غَيْرُ وَاجِبٍ فَالزِّنَا غَيْرُ مَوْجُودٍ، لَكِنْ زِنَا الْمُحْصَنِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَالرَّجْمُ غَيْرُ وَاجِبٍ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَعْلُولٍ لَهُ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، كَقَوْلِنَا: إنْ كَانَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَالنَّهَارُ مَوْجُودٌ لَكِنَّهَا طَالِعَةٌ فَالنَّهَارُ مَوْجُودٌ، لَكِنَّ النَّهَارَ مَوْجُودٌ فَهِيَ إذًا طَالِعَةٌ، لَكِنَّهَا غَيْرُ طَالِعَةٍ فَالنَّهَار غَيْر مَوْجُودٍ، لَكِنَّ النَّهَارَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَهِيَ إذًا غَيْرُ طَالِعَةٍ.

النَّمَطُ الثَّالِثُ: نَمَطُ التَّعَانُدِ. وَهُوَ عَلَى ضِدِّ مَا قَبْلَهُ، وَالْمُتَكَلِّمُونَ يُسَمُّونَهُ " السَّبْرَ وَالتَّقْسِيمَ "، وَالْمَنْطِقِيُّونَ يُسَمُّونَهُ " الشَّرْطِيُّ الْمُنْفَصِلُ " وَيُسَمُّونَ مَا قَبْله " الشَّرْطِيُّ الْمُتَّصِلُ ". وَهُوَ أَيْضًا يَرْجِعُ إلَى مُقَدِّمَتَيْنِ وَنَتِيجَةٍ، وَمِثَالُهُ: الْعَالَمُ إمَّا قَدِيمٌ وَإِمَّا حَادِثٌ. وَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ وَهِيَ قَضِيَّتَانِ، الثَّانِيَةُ أَنْ تَسْلَمَ إحْدَى الْقَضِيَّتَيْنِ أَوْ نَقِيضُهَا فَيَلْزَمُ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ نَتِيجَةٌ وَيَنْتُجُ فِيهِ أَرْبَعُ تَسْلِيمَاتٍ، فَإِنَّا نَقُولُ: لَكِنَّهُ حَادِثٌ فَلَيْسَ بِقَدِيمٍ، لَكِنَّهُ قَدِيمٌ فَلَيْسَ بِحَادِثٍ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ فَهُوَ قَدِيمٌ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِقَدِيمٍ فَهُوَ حَادِثٌ.

وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ قِسْمَيْنِ مُتَنَاقِضِينَ مُتَقَابِلِينَ إذَا وُجِدَ فِيهِمَا شَرَائِطُ التَّنَاقُضِ كَمَا سَبَقَ فَيُنْتِجُ إثْبَاتُ أَحَدِهِمَا نَفْيَ الْآخَرِ وَنَفْيُ أَحَدِهِمَا إثْبَاتَ الْآخَرِ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَنْحَصِرَ الْقَضِيَّةُ فِي قِسْمَيْنِ بَلْ شَرْطُهُ أَنْ تَسْتَوْفِي أَقْسَامَهُ، فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً فَإِنَّا نَقُولُ: الْعَدَدُ إمَّا مُسَاوٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَر، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ لَكِنَّهَا حَاصِرَةٌ فَإِثْبَاتُ وَاحِدٍ يُنْتِجُ نَفْيَ الْآخَرَيْنِ وَإِبْطَالُ اثْنَيْنِ يُنْتِجُ إثْبَاتَ الثَّالِثِ وَإِثْبَاتُ وَاحِدٍ يُنْتِجُ انْحِصَارًا لِحَقٍّ فِي الْآخَرَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ.

وَاَلَّذِي لَا يَنْتُجُ فِيهِ انْتِقَاءٌ وَاحِدٌ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْصُورًا، كَقَوْلِكَ زَيْدٌ إمَّا بِالْعِرَاقِ وَإِمَّا بِالْحِجَازِ، فَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ إثْبَاتَ وَاحِدٍ وَنَفْيَ الْآخَرِ، أَمَّا إبْطَالُ وَاحِدٍ فَلَا يُنْتِجُ إثْبَاتَ الْآخَرِ إذْ رُبَّمَا يَكُونُ فِي صُقْعٍ آخَرَ. وَقَوْلُ مَنْ أَثْبَتَ رُؤْيَةَ اللَّهِ بِعِلَّةِ الْوُجُودِ يَكَادُ لَا يَنْحَصِرُ كَلَامُهُ إلَّا أَنْ نَتَكَلَّفَ لَهُ وَجْهًا، فَإِنَّ قَوْلَ مُصَحِّحِ الرُّؤْيَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ كَوْنُهُ جَوْهَرًا فَيَبْطُل بِالْعَرَضِ أَوْ كَوْنُهُ عَرَضًا فَيَبْطُلُ بِالْجَوْهَرِ أَوْ كَوْنُهُ سَوَادًا أَوْ لَوْنًا فَيَبْطُلُ بِالْحَرَكَةِ، فَلَا تَبْقَى شَرِكَةٌ لِهَذِهِ الْمُخْتَلِفَاتِ إلَّا فِي الْوُجُودِ، وَهَذَا غَيْرُ حَاصِرٍ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ أَمْرٌ آخَرُ مُشْتَرَكٌ سَوِيُّ الْوُجُودِ لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ الْبَاحِثُ مِثْلَ كَوْنِهِ بِجِهَةِ مِنْ الرَّائِي مَثَلًا، فَإِنْ أَبْطَلَ

<<  <   >  >>