للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الرعد]

٧٨٧-

وَزَرْعٌ نَخِيلٌ غَيْرُ صِنْوَانٍ أَوَّلا ... لَدى خَفْضِهَا رَفْعٌ "عَـ"ـلَى "حَقُّهُ" طَلا

يريد الخفض رفع في هذه الكلمات الأربع وهي قوله تعالى: {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} وقوله: أولا قيد لصنوان ونصبه على الظرف بعامل مقدر؛ أي: الواقع أولا احترز بذلك من صنوان الذي بعد غير فإنه مخفوض اتفاقا؛ لأنه مضاف إليه ووجه الرفع في هذه الكلمات أنه عطف: {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ} على قوله: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ} ؛ أي: فيها ذا وذا {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ} ، وقوله: صنوان نعت لنخيل، وغير: عطف على صنوان، والصنوان جمع صنو وهو أن يكون الأصل واحدا، وفيه النخلتان والثلاث والأربع وصنو الشيء: مثله الذي أصلهما واحد، وفي الحديث: "عم الرجل صنو أبيه"، ويتعلق بهذه اللفظة بحث حسن يتعلق بصناعة النحو من جهة أن صنوان جمع تكسير، وقد سلم فيه لفظ المفرد كما يسلم في جمع السلامة وقد ذكرت ذلك في المجموع من نظم المفصل، ووجه قراءة الخفض في هذه الكلمات الأربع أنها عطفت على أعناب؛ أي: احتوت الجنات التي في الأرض على أعنابٍ وزرعٍ ونخيلٍ كما قال تعالى في موضع آخر: {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} ، وقال تعالى: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ} ، وقال تعالى: {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} ، وقال في سورة الأنعام: {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ} ، وذكر الزرع والنخل قبل ذلك، وقال في آخر السورة: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ} ، فعطف النخل والزرع على جنات فهذا موافق لقراءة الرفع هنا وكل واحد من هذه الأنواع موجود، فجاءت الآيات والقراءات على وجوه ما الأمر عليه وقوله: طلا في موضع نصب على التمييز وهو جمع طلية وهو العن؛ أي: علت أعناق حقه ومنه: "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" إشارة إلى أمنهم وسرورهم ذلك اليوم الذي يحزن فيه الكافر، ويخجل فيه المقصرون، وهذا البيت أتى به الناظم

<<  <   >  >>