للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الشريعة والأحقاف]

...

سورة الجاثية والأحقاف:

١٠٣١-

مَعًا رَفْعُ آيَاتٍ عَلَى كَسْرِهِ "شَـ"ـفا ... وَإِنَّ وَفِي أَضْمِرْ بِتَوْكِيدٍ أَوَّلا

يعني: {آياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ، {آياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} قرءا بالرفع والنصب وعلامة النصب الكسر ولا خلاف في الأول وهو: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ} أنه منصوب بالكسر؛ لأنه اسم إن، أما: {آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} فرفعها ونصبها أيضا ظاهران كقولك: إن في الدار زيد وفي السوق عمرو وعمرا فهذا جائز باتفاق فالنصب على تقدير: وإن في السوق عمرا فحرف إن مقدر قبل في والرفع عطف على موضع اسم إن أو على استئناف جملة ابتدائية أو يكون عمرو فاعل في السوق على رأي من يجوز ذلك فكذا قوله تعالى: {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ} ؛ وذلك لظهور حرف في من قوله: {وَفِي خَلْقِكُمْ} ، أما قوله تعالى: {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} فلم يأت فيه حرف إن ولا حرف في فهنا اختلف النحاة فقيل: إن الواو نائبة عنهما وإن اختلف عملهما لفظا ومعنى وهذا هو الذي يسمى عندهم العطف على عاملين؛ أي: على عمل عاملين أو معمولي عاملين نحو: إن في الدار زيدا والحجرة عمرا؛ أي: وإن في الحجرة عمرا؛ أي: وإن في اختلاف الليل والنهار آيات، وعلى قراءة الرفع تكون الواو نائبة عن حرف في؛ أي: وفي اختلاف الليل والنهار آيات؛ عطفا على قوله: "وفي خلقكم آيات" فمنهم من يقول هو على هذه القراءة أيضا عطف على عاملين وهما حرف في والابتداء المقتضي للرفع ومنهم من لا يطلق هذه العبارة في هذه القراءة؛ لأن الابتداء ليس بعامل لفظي، وقد استدل أبو الحسن الأخفش بهذه الآية على جواز العطف على عاملين، وصوبه أبو العباس في استدلاله بهذه دون غيرها، وقال أبو بكر بن السراج العطف على عاملين خطأ في القياس غير مسموع من العرب، ثم حمل ما في هذه الآية على التكرار للتأكيد قال أبو الحسن الرماني: هو كقولك: إن في الدار زيدًا والبيت زيدا فهذا جائز بالإجماع؛ لأنه بمنزلة إن زيدًا في الدار والبيت فهما قال فتدبر هذا الوجه الذي ذكره ابن السراج فإنه حسن جدًّا لا يجوز حمل كتاب الله تعالى إلا عليه، وقد يثبت القراءة بالكسر ولا عيب في القرآن على وجه وللعطف على عاملين عند من أجازه عيب ومن لم يجزه فقد تناهى في العيب فلا يجوز حمل هذه الآية إلا على ما ذكره ابن السراج دون ما ذهب إليه غيره.

قلتُ: ولا ضرر فيما ذهب إليه من ذهب من العطف على عاملين وسنتكلم إن شاء الله تعالى عليه في شرح النظم من النحو ونبين وجهه من القياس وقد استدل على ذلك بأبيات تكلف المانعون له تأويلها قال الزجاج: ومثله في الشعر:

أكل امرئ تحسبين امرءًا ... ونار توقد بالليل نارا

أهل قال عطف على ما عملت فيه كل وما عملت فيه تحسبين وأنشد أبو علي الفرزدق:

وباشر راعيها العلا بلسانه ... وجنبيه حر النار ما يتحرفُ

قال: فهذا عطف على الفعل والهاء، وأنشد أيضا:

أوصيت من سره قلبا حرا ... بالكلب خيرا والحماة شرا

<<  <   >  >>