للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد ذكر الْمَهْدَوِيّ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فَقَالَ إِن علينا للهدى والضلال فَحذف قَتَادَة الْمَعْنى إِن علينا بَيَان الْحَلَال وَالْحرَام

وَقيل الْمَعْنى إِن علينا أَن نهدي من سلك سَبِيل الْهدى

(قلت) هَذَا هُوَ قَول الْقُرَّاء لَكِن عبارَة الْقُرَّاء أبين فِي معرفَة هَذَا القَوْل

فقد تبين أَن جُمْهُور الْمُتَقَدِّمين فسروا الْآيَات الثَّلَاث بِأَن الطَّرِيق الْمُسْتَقيم لَا يدل إِلَّا على الله وَمِنْهُم من فَسرهَا بِأَن عَلَيْهِ بَيَان الطَّرِيق الْمُسْتَقيم وَالْمعْنَى الأول مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْمُسلمين

وَأما الثَّانِي فقد يَقُول طَائِفَة لَيْسَ على الله شَيْء لَا بَيَان هَذَا وَلَا هَذَا فَإِنَّهُم متنازعون هَل أوجب على نَفسه كَمَا قَالَ {كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة} الْأَنْعَام ٦ ٥٤ وَقَوله {وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ} الرّوم ٢٠ ٤٧ وَقَوله {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} هود ١١ ٦

وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ بَيَان الْهدى من الضلال وَبَيَان حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته فَهَذَا يُوَافق قَول من يَقُول إِن عَلَيْهِ ارسال الرُّسُل وَإِن ذَلِك وَاجِب عَلَيْهِ فَإِن الْبَيَان لَا يحصل إِلَّا بِهَذَا

وَهَذَا يتَعَلَّق بِأَصْل آخر وَهُوَ أَن كل مَا فعله فَهُوَ وَاجِب مِنْهُ أوجبته مَشِيئَته وحكمته وَأَنه مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن فَمَا شاءه رَجَب وجوده وَمَا لم يشأه امْتنع وجوده وَبسط هَذَا لَهُ مَوضِع آخر

وَدلَالَة الْآيَات على هَذَا فِيهَا نظر

وَأما الْمَعْنى الْمُتَّفق عَلَيْهِ فَهُوَ مُرَاد من الْآيَات الثَّلَاث قطعا وَأَنه أرشد بهَا إِلَى الطَّرِيق الْمُسْتَقيم وَهِي الطَّرِيق الْقَصْد وَهِي الْهدى إِنَّمَا تدل عَلَيْهِ وَهُوَ الْحق طَرِيقه على الله لَا يعرج عَنهُ

لَكِن نشأت الشُّبْهَة من كَونه قَالَ علينا بِحرف الاستعلاء وَلم يقل الينا وَالْمَعْرُوف أَن يُقَال لمن يشار إِلَيْهِ أَن يُقَال هَذِه الطَّرِيق إِلَى فلَان وَطن يمر بِهِ ويجتاز عَلَيْهِ أَن يَقُول طريقنا على فلَان

<<  <  ج: ص:  >  >>