للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الكوافر هُوَ تَعْرِيف للكوافر المعروفات اللَّاتِي كن فِي عصم الْمُسلمين وَأُولَئِكَ كن مشركات لَا كتابيات من أهل مَكَّة وَنَحْوهَا

وَالْوَجْه الثَّانِي إِذا قدر أَن لفظ المشركات وَلَفظ الكوافر يَعْنِي الكتابيات فآية الْمَائِدَة خَاصَّة وَهِي مُتَأَخِّرَة نزلت بعد سُورَة الْبَقَرَة والممتحنة بِاتِّفَاق بِاتِّفَاق الْعلمَاء كَمَا فِي الحَدِيث

الْمَائِدَة من آخر الْقُرْآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها وَالْخَاص الْمُتَأَخر يقْضِي على الْعَام الْمُتَقَدّم بِاتِّفَاق عُلَمَاء الْمُسلمين لَكِن الْجُمْهُور يَقُولُونَ أَنه مُفَسّر لَهُ فَتبين أَن صُورَة التَّخْصِيص لم ترد بِاللَّفْظِ الْعَام وَطَائِفَة يَقُولُونَ أَن ذَلِك نسخ بعد أَن شرع

الْوَجْه الثَّالِث إِذا فَرضنَا النصين خاصين فأحد النصين حرم ذَبَائِحهم ونكاحهم وَالْآخر أحلهما فالنص الْمُحَلّل لَهما هُنَا يجب تَقْدِيمه لوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا أَن سُورَة الْمَائِدَة هِيَ الْمُتَأَخِّرَة بِاتِّفَاق الْعلمَاء فَتكون ناسخة للنَّص الْمُتَقَدّم وَلَا يُقَال أَن هَذَا نسخ للْحكم مرَّتَيْنِ لِأَن فعل ذَلِك قبل التَّحْرِيم لم يكن بخطاب شَرْعِي حلل ذَلِك بل كَانَ لعدم التَّحْرِيم بِمَنْزِلَة شرب الْخمر وَأكل الْخِنْزِير وَنَحْو ذَلِك وَالتَّحْرِيم الْمُبْتَدَأ لَا يكون نسخا لاستصحاب حكم الْفِعْل وَلِهَذَا لم يكن تَحْرِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل ذِي نَاب من السبَاع وكل ذِي مخلب من الطير نَاسِخا لما دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ} الْآيَة من أَن الله عز وَجل لم يحرم قبل نزُول الْآيَة إِلَّا هَذِه الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة فَإِن هَذِه الْآيَة نفت تَحْرِيم مَا سوى الثَّلَاثَة إِلَى حِين نزُول الْآيَة وَلم يثبت تَحْلِيل مَا سوى ذَلِك بل كَانَ مَا سوى ذَلِك عفوا لَا تَحْلِيل فِيهِ وَلَا تَحْرِيم كَفعل الصَّبِي وَالْمَجْنُون وكما فِي الحَدِيث الْمَعْرُوف

الْحَلَال مَا حلله الله فِي كِتَابه وَالْحرَام مَا حرمه الله فِي كِتَابه وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ مِمَّا عَفا عَنهُ وَهَذَا مَحْفُوظ عَن سلمَان الْفَارِسِي مَوْقُوفا عَلَيْهِ أَو مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَيدل على ذَلِك أَنه قَالَ فِي سُورَة الْمَائِدَة {الْيَوْم أحل لكم الطَّيِّبَات} فَأخْبر أَنه أحلهَا ذَلِك الْيَوْم وَسورَة الْمَائِدَة مَدَنِيَّة بِالْإِجْمَاع وَسورَة الْأَنْعَام مَكِّيَّة بِالْإِجْمَاع فَعلم أَن تَحْلِيل الطَّيِّبَات كَانَ بِالْمَدِينَةِ لَا بِمَكَّة وَقَوله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات} {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم} إِلَى آخرهَا فَثَبت

<<  <  ج: ص:  >  >>